عصا تركية ام افعى تسعى?

لم ترتبط امة بتجربة امة اخرى, كما ارتبط العرب مع تركيا, ولم تكتشف امة انها لم تتحرر من استعمارها السابق كما اكتشف العرب.. فبعد خمسة قرون من الركود والتخلف زادوا عليهم قرنا سادسا ويستعدون كما يبدو للدخول في قرن سابع مديد, بالرفاه والبنين:
1- لقد مرت تركيا بالتجارب التالية منذ اواخر القرن التاسع عشر, التجربة الدستورية وما رافقها من صراع محتدم بين السلطات ورؤساء حكوماته المقربين من القناصل الاجانب, ثم التجربة الانقلابية (عسكر وبرلمانات برسم الحل) ثم التجربة البرلمانية (برلمان وعسكر في الثكنات) وفي كل ذلك كانت ظلال العواصم الرأسمالية حاضرة وكذلك موسكو في عهديها, القيصري, والشيوعي.
2- عربيا ومع خلط في بعض الاولويات, شهد العرب اول انقلاب عسكري على الطريقة التركية (بكر صدقي في العراق, ثم تتالت الانقلابات وكان اقربها الى تجربة كمال اتاتورك انقلاب مصر 1952 الذي نجح في انجاز تحولات كبيرة كما اتاتورك ومنها تأميم قناة السويس كما تأميم قناة البوسفور وبناء السد العالي كما السدود التركية وبدعم روسي في الحالتين.
وكما راحت تجربة اتاتورك تتراجع لاسباب عديدة, وتحل محلها معادلات غريبة تجمع بين الاسلام السياسي وبين الثورات الدستورية استعاد العرب هذه التجربة ايضا وبضوء اخضر امريكي كما تركيا.. ولغايات متقاربة في مقدمتها سرقة الاحتجاجات الشعبية وثوراتها الحقيقية واعادة دمج الجميع في النظام الرأسمالي العالمي.
وبين الحالتين, العربية والتركية اوجه شبه وعناصر خلاف, منها توظيف الاقليات القومية (الاكراد مثلا) لابتزاز الطرفين, ومنها انه حيث يدمج الاتراك قناعهم الاسلامي بخطابهم القومي الطوراني, يفتح الاسلام السياسي واليسار والليبراليون العرب النار على مشروعهم القومي ويؤدلجون التمزق القطري والمذهبي قبل ان يأخذهم الباب العالي من جديد كما اخذهم في مرج دابق 1516 .(العرب اليوم)