ازمة ثقة

تم نشره الإثنين 29 آب / أغسطس 2011 02:07 صباحاً
ازمة ثقة
سلامه الدرعاوي

الملاحظ في المشهد المحلي ان أي مخرجات تطلقها الجهات الرسمية لا تلقى قبولا او ارتياحا من الشارع, على العكس تماما تُواجَه كل القرارات والسياسات والخطط بانتقادات حادة حتى قبل ان تطلق, حتى وان كان بعضها في الصالح العام, فهو اليوم غير مقبول.

تلك مشكلة رئيسية بين اطراف المعادلة السياسية في المملكة, فالثقة معدومة بين السلطات الثلاث والمواطنين, وهذا الامر انعكس جليا على العلاقة بين النظام السياسي والمجتمع, والكل يلاحظ كيف تحول النقاش من مطالبة الشارع بتعديل الدستور الى تعديل صلاحيات الملك من قبل بعض القوى رغم انه لغاية يومنا هذا لا يوجد اي مؤسسات في المجتمع سواء كانت رسمية او اهلية مؤهلة لتولي تلك الصلاحيات التي تحتاج الى تطور نوعي في الحياة السياسية المحلية وتدرج ضمن برنامج اصلاحي يمتد لسنوات حتى تتأهل القوى لهذه المرحلة.

رتابة المشهد المحلي بكل مكوناته انعكست على العلاقة بين كافة فعاليات المجتمع, فالحكومة لا تحظى بحضور في الشارع, والمشهد مشابه ايضا لمجلس النواب, فالجميع ينظر الى تلك السلطتين على انهما جزء من المشكلة الداخلية, وليسا مؤهلين لحل القضية الراهنة في المجتمع.

فجوة الثقة تزداد يوما بعد يوم, ولا يمكن ان تسير مسيرة الاصلاح من دون ترميم تلك العلاقة بين النظام, فكل شيء بات غير مقبول حتى وان كان ايجابا, فحالة الرفض هي السمة الغالبة على سلوك المجتمع.

الكل شاهد سلوك النواب في جلسته الاخيرة والتي ابدى غالبيتهم عدم مبالاتهم في المدة الزمنية التي حددها الملك في اقرار التعديلات الدستورية وهي شهر, فهم يطالبون بوقت اضافي حتى يتسنى لهم البقاء اكبر وقت ممكن, والحقيقة ان لعبتهم مكشوفة للرأي العام, فهم سيناقشون التعديلات التي لا يمكن اقرارها الا بواسطتهم, وسيلحقها بعد ذلك تعديل 12 قانونا متعلقا بها, وهذا الامر يجعلهم في مركز قوة من الناحية النظرية لاطالة عملية النقاش الى اطول فترة ممكنة, متناسين ان معركة الاصلاح هي معركة وقت لا اكثر ولا اقل, الشيء غير المتاح للنقاش اليوم سيكون غدا متاحا, وما هو مقبول اليوم سيكون مرفوضا في الغد.

الحل هو تجميد عملية اقرار التعديلات الدستورية في الوقت الراهن وحل البرلمان واعلان موعد للانتخابات واقالة الحكومة, حتى يتسنى للمجتمع اختيار ممثليه الحقيقيين وفق قانون انتخاب مؤقت في المرحلة الاولى وان يضمن النظام نزاهة تلك العملية, هذا الاجراء سينفس حالة الاحتقان لدى الشارع بشكل كبير, عندها تكون الدولة بمؤسساتها قادرة على التعامل مع التعديلات الدستورية وفق منظومة اصلاح شاملة.

لا يمكن ان تتطور اي عملية اصلاحية من دون ترميم العلاقة بين مكونات المجتمع, وهذا لا يكون الا بتفعيل القانون, وتعزيز المساءلة والشفافية في السياسات والاجراءات المختلفة, فالاصلاح بحاجة الى ادوات مقنعة لدى الشارع ولها مصداقية عالية, وهو امر للاسف غير متوفر في الوقت الراهن لدى السلطتين التنفيذية والتشريعية. الاردن بحاجة الى ولادة مؤسسات سياسية جديدة تكون اكثر قربا من الشارع وقادرة على ترجمة التوجيهات والرؤية الملكية ضمن برنامج عمل واضح المعالم.(العرب اليوم)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات