وإنها (لبسطة) حتى الشغل

لا تمل الجهات المعنية بالشكوى في كل المدن من تكرار شكواها من كثرة البسطات في الشوارع والأسواق, وبالمقابل لا تمل الجهات المعنية بالاستجابة إلى الشكاوى من تكرار استجابتها مشكورة بالقضاء على الظاهرة.
يحصل ذلك في عمان والزرقاء منذ زمن طويل, ثم انتشر في مدن أخرى صارت تنافس في كثرة البسطات مثل إربد والمفرق وجرش ومأدبا والكرك والطفيلة وغيرها.
اسمحوا لي بصفتي "كاتب بسطات" أتابع الظاهرة منذ زمن طويل وأجريت عليها أكثر من بحث ومتابعة, أن أكرر وجهة النظر القائلة بأنه لا مجال لمقاومة هذه الظاهرة في الشارع لأنها نتاج لظاهرة أخرى أعمق وموقعها ليس في الشارع ولكن في مكاتب وغرف صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي, إنها تعبير عن الفشل التنموي المركزي, وهو الذي يدفع الناس وخاصة في المدن الى البحث عن مصدر دخل ذاتي.
الظاهرة ليست أردنية بل هي عالمية وخاصة "عالمثالثية", وقد تكرست بحيث أصبحت ميداناً للدراسة وقامت حولها نظريات ومدارس فكرية اقتصادية واجتماعية, وقد تعددت المفاهيم الخاصة بها ومنها: الاقتصاد غير الرسمي, واقتصاد الظل, والاقتصاد الهامشي, والاقتصاد غير المسجل, وقطاع التوظيف الذاتي, وغيرها.
البسطات جزء بسيط من الظاهرة, غير أنها تحوز على الكم الأكبر من الشكوى لأنها علنية وتمارس في الشارع, وتعتقد السلطات أنها تحلها بالمطاردات والمصادرات, غير أن التجربة المحلية والعالمية تثبت أنها عصية على هذا الحل, فالعاملون على البسطات يتميزون بمرونة عالية وقدرة فائقة على التنقل والاستجابة للمتغيرات الاجتماعية والعمرانية, ويمكن لمن يريد, أن يتتبع تاريخ حركة البسطات في عمان بين مختلف المواقع.
ابحثوا عن الحل في مكان آخر, وفي هذه الأثناء لا تنسوا أن "البوعزيزي" كان صاحب بسطة.(العرب اليوم)