تحدي الطاقة خطر داهم

ظـن كثيرون أن وزير المالية بالغ كثيراً عندما قـدّر أن فاتورة الطاقة المستوردة ستكلف أربعة مليارات من الدولارات خلال هـذه السنة، فالواقع أنه كان في غاية التحفظ، ذلك أن فاتورة النفـط المستورد خلال الشهور الستة الأولى من هذه السنة بلغت 7ر1586 مليون دينار، وبلغت فاتورة الكهرباء المستوردة 6ر104 مليون دينار أي ما مجموعه 3ر1691 مليون دينار، فإذا اسـتقر السعر الحالي للبترول خلال الشـهور السـتة الأخيرة من السـنة كما كان في الشـهور الستة الأولى فإن فاتورة الطاقة المستوردة سـتبلغ هذه السنة 6ر3382 مليون دينار، أو 77ر4 مليار دولار، وبذلك تتجاوز تقديرات الحكومة بنسبة 20% لتبلـغ 9ر16% من الناتج المحلـي الإجمالي وهي أعلى نسـبة في العالم وتعادل ثلاثة إلى أربعة أمثال النسـبة الطبيعية.
لنكن صريحين ونواجه الحقيقـة مهما كانت مرة، ولنعترف بأن الاقتصاد الأردني لا يتحمل تخصيص موارد كافية لمواجهة هـذا الالتزام، فلا بد من إجـراءات لخفض استهلاك الطاقـة بشكل ملموس ومؤثـر، وإلا فإن تحدي الطاقة سوف ينافس تحدي المديونيـة ويشكل خطراً يهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي للبلـد.
المفاعلات الذرية لن تقـدم حلاً بل مشكلة إضافية لارتفاع كلفة التأسيس والتشغيل وشـح المياه والتخلص من الفضلات وتخريب البيئـة وتهجير السكان وتنفير السـياح.
المطلوب سياسـة حازمة ذات شقين، أولهما توفير الطاقة بإتباع جميع الوسائل الفنية والسعرية لخفض الاستهلاك وبالتالي الاستيراد، وثانيهما العمل على استغلال مصادر الطاقة البديلة كالشـمس والرياح، علمـاً بأن إتباع هـذه الوسائل يلقى التشـجيع والدعم المالي العالمي كجزء من حماية البيئـة من الكربون وتوظيف طاقة نظيفة بيئيـاً وصحيـاً واقتصادياً، فالصحـراء الأردنية يمكن أن تتحـول إلى مواقع إنتاجية، كما أن استغلال الصخر الزيتي يستحق المزيد من الاهتمـام.
في العالم تحسن في كفـاءة الإنتاج بحيث يمكن إنتاج وحـدة من الناتج المحلي الإجمالي باستخدام طاقة أقل، وفي الأردن اتجاه معاكـس تماماً فالنمو في استهلاك الطاقة يفوق نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتدل الأرقام على أن الناتج المحلي الإجمالي ينمو بمعـدل 3ر2% في حين يرتفع استهلاك الطاقة بنسـبة تعادل أضعاف نسبة النمو الاقتصادي.(الرأي)