«التعريب» في السياق السوري الخاص

تم نشره الخميس 01st أيلول / سبتمبر 2011 02:26 صباحاً
«التعريب» في السياق السوري الخاص
عريب الرنتاوي

سعت أطرافٌ عربية إلى استصدار قرار عن الاجتماع الوزاري العربي الأخير بشأن سوريا...قرار يشبه الإنذار الأخير للنظام في سوريا، قبل أن يُنقل ملف الأزمة السورية برمته إلى مجلس الأمن...البعض نظر للأمر بوصفها "تعريباً" للأزمة السورية، يقطع الطريق على مخاطر "تدويلها"...فيما البعض الآخر، نظر للأمر من زاوية أن "التعريب" في سياقاته السورية الحالية، ليس إلا "تدويلاً" مضمراً، أو خطوة على طريق "التدويل" الصريح.

بالطبع ليست هذه المرة الأولى التي تتدخل فيها جامعة الدول العربية في الأزمات المترتبة على اندلاع "ربيع العرب"، فقد سبق لها وأن تدخلت في الأزمة الليبية، ووفرت "غطاءً قومياً" لـ"التدخل الأممي"، أو بالأحرى لدخول الأطلسي على خط الصراع بين القذافي ومرتزقته وأعوانه من جهة، وشعب ليبيا وثواره من جهة ثانية...لكن الجامعة آثرت الانسحاب من بقية الأزمات كاليمن والبحرين، وقبلهما مصر وتونس.

لسنا ضد تدخل الجامعة في أية ساحة عربية إنقاذاً لمشاريع الإصلاح وقواه المحركة وحمايةً للمدنيين...بل إننا نعتقد أن "النظام العربي" لن تقوم له قائمة، إن لم يُبنَ على أسسٍ ديمقراطية...وديمقراطية النظام الإقليمي، لن تتحقق إلا بعد أن تعم الديمقراطية ربوع الدول الأعضاء، المكونة لهذا النظام، فالدول القمعية في سياساتها الداخلية، لا يمكن أن تبني علاقات خارجية قائمة على أسس ديمقراطية، تحترم التنوع والفرادة والعمل الجماعي و"السيادة" بمفهومها الحديث...تحترم حقوق الدول في الخارج، مثلما تحترم حقوق الأفراد المنتمين إلى نطاقها السيادي في الداخل.

نحن نريد للجامعة العربية أن تكون وعاء النظام الإقليمي العربي...ونريد لهذا النظام أن يكون ديمقراطياً....ونتطلع لليوم الذي يتعين فيه على كل دولة عربية تريد أن تحتفظ بعضويتها في الجامعة، أن تلبي "مسطرة شروط" خاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية...مثل شروط كوبنهاجن لعضوية الاتحاد الأوروبي....ونريد لهذه المسطرة أن تكون ملزمة للجميع.

وسنذهب أبعد من ذلك فنقول، إننا من أنصار "التخلي عن جزء من السيادة الوطنية" لصالح العمل العربي القومي المشترك...ونرفص منطق البيان الرسمي السوري الذي يتخذ من السيادة وسيلة للهرب والتهرب من استحقاق وقف القتل والعنف والقمع ضد أبناء شعبه...ونتطلع لليوم الذي تنشأ فيه قوة عربية مشتركة، تكون حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، واحدة من وظائفها، وليس الدفاع عن الأمة في وجه أعدائها الخارجيين فحسب.

نريد ذلك من دون تردد، ونريد ما هو أكثر وأبعد منه...نريده الآن، وأردناه من قبل، تحدثنا عنه وبشرنا به قبل سبع سنوات عجاف، عندما فتحت الجامعة لأول مرة ملفي الإصلاح في العالم العربي وإصلاح نظامها الإقليمي...لا لشيء إلا لأننا ببساطة نريد نظاماً عربياً فعّالاً...نظاما يشعر فيه المواطن العربي بأنه محمي بسيادة القانون في بلده، وبالقضاء العربي والحاكم العربي وقوة النموذج العربي...ولكننا لا نفهم أن تكون هذه المعايير مفصلة على مقاس دولة معينة في لحظة معينة، وأن تكون بقية الدول العربية، ودائما، معفاة من شرط الالتزام بالإصلاح والديمقراطية...لا نفهم أن نستفيق على الحاجة للانتصار لحقوق الإنسان في ليبيا وسوريا فقط، لكأن الإنسان العربي في بقية "بلاد العرب" قد استوفى حقوقه ولم يعد ينقصه سوى رؤية أشقائه الليبيين والسوريين يتمتعون بالحقوق ذاتها.

نحسب كما يحسب كثيرون، أن سرّ "الحمأة" العربية الطارئة ضد عنف النظام السوري، وسبب هذا الحماس لوضعه في أضيق الزوايا، إنما يعود لأسباب أخرى، ليس من بينها أبداً، الحرص على مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان...نعرف أن ما يجري اليوم، هو سداد لفواتير الأمس، مع أن في سوريا، وتحديداً بعد كل هذا القمع والاستخدام المفرط للقوة ضد المواطنين، ما يكفي من الأسباب للتدخل والتهديد والتحذير والوعيد.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات