قاموس الثورات الملونة

كما للثورات الشعبية قاموسها السياسي والمعرفي, كذلك للثورات الملونة التي جرت وتجري على ايقاع محاولات المراكز الرأسمالية العالمية ترميم نفسها وتجاوز ازمتها من خلال ترميم الاطراف التابعة واستبدال الحرس البيروقراطي والدولة المركزية بحرس ليبرالي جديد يلغي وظائف الدولة السيادية ويحصرها في وظائف بلدية ومدنية محدودة .. فالسياسة والدفاع صارت شأنا عالميا من اختصاص المراكز العالمية للرأسمالية ...
ومقابل مصطلحات التحرر الوطني والقومي وفك التبعية والدولة الوطنية الديمقراطية ... الخ خرجت علينا مطابخ الدوائر الامريكية والرأسمالية عموما بقاموس جديد يلائم ثوراتها الملونة التي تحاول سرقة الحراك الشعبي الحقيقي وتفريغه من محتواه الطبقي والوطني وعزل الديمقراطية عن ابعادها الاجتماعية والوطنية, ومن ذلك:
1- مصطلح "الربيع" الذي بدأ رنينه في دمشق بإيحاء مريب يذكرنا بـ ربيع براغ وربيع بولندا وربيعات اخرى اطاحت بالاشتراكية واعادت دمج شرق اوروبا بالنظام الرأسمالي العالمي على قاعدة التبعية والإلحاق لا على قاعدة التطور والشراكة الحقيقية.
2- الليبرالية كنقيض للديمقراطية فالاولى عنوان فضفاض لحقوق انسان معزولة عن الصراع الطبقي والوطني والقومي, والثانية عنوان لتداخل الحريات بالعدالة والتحرر وفك التبعية وادامة الصراع مع الامبريالية والرجعية والصهيونية.
3- الدولة المدنية, وهو مصطلح لا قيمة معرفية او فكرية له لا في علم الاجتماع السياسي ولا في الوقائع والتجارب نفسها, وينطوي على خلط واضح بين المجتمع المدني (الاحزاب والنقابات والجمعيات ... الخ) وبين المجتمع السياسي (الدولة) كما لا يؤشر على مفهوم موضوعي مفارق للعلمانية بقدر ما يعكس رغبة المطابخ الرأسمالية في تأويل كتابات "جون لوك" "حرية التعبير والخلاف مع حرية السوق" لتفريغ الدولة من اي محتوى اجتماعي - سياسي وتحويلها الى شكل من الدولة الشرطية- الجابية الضامنة للرساميل والرأسماليين ...
4- كما يحفل قاموس الثورة الملونة بعشرات المصطلحات المضللة التي تنطلي على قطاعات واسعة من النخب, سواء المتورطة في لعبة السفارات والقناصل او التي لم تطلع بما فيه الكفاية على الادب السياسي. (العرب اليوم)