متعة (التسيس)

ينشط المشتغلون في العمل الحزبي والسياسي في تشكيل الهيئات واللجان والحركات, ثم العمل على انشقاقها أو انسحاب بعض أعضائها ومبادرة هؤلاء المنسحبين إلى تشكيل هيئات جديدة ثم انقسامها من جديد, ثم صدور دعوات للتصالح والالتقاء مع الهيئة الأصلية ثم معاودة الانقسام مع آخرين... وهكذا.
هناك مَن ينتقد عمليات الانقسام والوحدة هذه بحجة انها تعيق العمل السياسي الحقيقي, وهم بانتقادهم هذا يحاولون -بوعي أو بلا وعي- حرمان العاملين في السياسة والأحزاب من أهم متعهم وأقوى حوافزهم على الاستمرار والنشاط. إذ لا أمتع ولا أحلى من خوض الانشقاقات والخلافات الحزبية ولولاها لماتت الحركة السياسية وتبلدت.
في العمل السياسي, ليس أمتع من أن تجد إلى جانبك من "يرخي" لك أذنه و"ترخي" له أذنك, تسمع منه ويسمع منك, يدعم ما تقول وتدعم أنت ما يقول, وتتبادلون الرأي حول الآخرين من الرفاق والإخوة, ثم تخوضون تمريناً في الإفصاح عن النوايا ضد الآخرين, وغير ذلك من ممارسات من دونها ستكون الاجتماعات رتيبة, يسودها التوافق ويصبح حضورها أقرب إلى "فرض كفاية" دنيوي, حيث لا يشعر المشارك بأهميته الخاصة.
ليس معروفا من هو المسؤول عن الإدانة المطلقة للنميمة كممارسة اجتماعية, فهي تشكل أداة رئيسية لحفظ التوازن النفسي لممارسها, إنها وسيلة أساسية من وسائل التحايل على الحرمان من حرية إبداء الرأي.
في العمل الحزبي والسياسي, يتم نقل النميمة من المستوى الاجتماعي اليومي إلى المستوى السياسي دون الإخلال بما تحتويه من متعة. (العرب اليوم)