الفريق الذهبي :حرفة الامن وفضاءات السياسة

تم نشره الخميس 05 شباط / فبراير 2009 05:38 مساءً
سعد حتر

بدأ حياته العملية في سلك الاستخبارات بعد ان حاول قرع ابواب الصحافة . وبعد ربع قرن خاض غمار السياسة ورسم الاستراتيجيات منطلقا من نفوذ مركزه علي رأس جهاز تمدد خلال العقد الماضي ليتغلغل في سائر مفاصل الدولة .
كانت (السلطة الرابعة) والعمل الدبلوماسي شغفه الاول عقب عودته من لندن منتصف ثمانينيات القرن الماضي . اذ سعى انذاك للانضمام الى (جوردن تايمز) بادارة جورج حواتمة لكنه غير مساره صوب الامن .
يستذكر محمد الذهبي (52 عاما) في مجالسه الخاصة كيف تغير طموحه من العمل بالسياسة وسلك الدبلوماسية حين عرض عليه مدير المخابرات الاسبق طارق علاء الدين العمل في (الدائرة) قبل عقدين .
في المحصلة , انخرط الذهبي في المخابرات العامة, ضابطا برتبة متواضعة دون ان يدور في ذهنه انه سيترقى قفزا الى رأس الهرم . ينقل عنه مقربون منه غبطته بعدم دخوله حقل الاعلام, لان عالم الاستخبارات فتح امامه افاقا واسعة واوصله الى القمة لكن مسيرته لم تكن سهله اذ كان انتقل مطلع العقد الحالي والتحق بكادر رئاسة الحكومة بعد ان رفع استثنائينا .
كانت اقالته, خطوة التفافية , حتى يعود الى \"الدائرة\" برتبة اعلى . ففي العام 2004 اعاد الملك تأهيله , عينه نائبا لمدير المخابرات انذاك اللواء سميح عصفورة , فميا بدا وكأنه تهيئة لتسليمه هذا المنصب الحساس .وهو ماجرى في كانون الاول/ ديسمبر 2005 بعد شهر على تفجيرات ثلاثية كانت الاعنف في تاريخ الاردن المعاصر فكان بسط الامن ومكافحة الارهاب على رأس عناوين رسالة تكليفه الملكية .
لم تمض اسابيع حتى شكل الفريق الذهبي - بأمر من الملك ما تعرف بوحدة فرسان الحق وهي قوة نخبوية ضاربة ساهمت في اعتقال عناصر متهمة بالارتباط بخلايا القاعدة من بينهم العراقي زياد الكربولي الذي اختطف عبر الحدود ليمثل امام محكمة امن الدولة.في عهده وفرت الاستخبارات 2006 معطيات مكنت الجيش الاميركي في العراق من اصطياد زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الاردني ابو مصعب الزرقاوي وتصفيته .
الفريق محمد الذهبي الذي غادر منصبه قبل شهر وجد في الدائرة على حد قوله تركة ثقيلة تركها سلفاه الفريق سميح البطيخي والمشير سعد خير اذ كان الاخيران من اصحاب مدرسة تسييس الامن بدل امن السياسة على ان الذهبي اعلن عزمه في البداية على هجر تلك المدرسة وصدرت عنه مقولة \" نحن مخابرات دولة وليس دولة مخابرات \".
لكن المحفر الاستخباري ظل حاضرا في ثنايا العمل السياسي في بلد هاجسه الامن ما فتئ يتعرض لهزات ارتدادية في محيط متفجر من بغداد الى بيروت رام الله وهكذا تداخل المساران وطغى دور الدائرة في مختلف توجهات الدولة بخاصة تجميع الحكومات وتفكيكها وتوجيه بعض رجال التشريع وتطويع أقلام الاعلام . تدخل جهازه في الانتخابات التشريعية والبلدية اواخر 2007 ترك نقطة سوداء في تاريخ الدولة لجهة حجم التجاوزات التي رصدها الاعلام ومراصد الديمقراطية وحقوق الانسان . يبدو ان الفريق الذهبي لم يلتقط الدرس جيدا مع انه كان الاقرب بين زملائه الى ملفات سلفيه بوصفه مديرا لمكتب كل منهما وحافظ اسراره كان يراقب اداءهما ويطلع على تفاصيل خفية في ادارة الدولة ليختزن لاحقا حنكة في ادارة الملفات ستلازمه على مدى سنواته الثلاث في شارع الشعب .
رغم جهره بالابتعاد عن السياسة مشى الفريق الذهبي في مسارين متوازيين فسعى الى تعزيز الامن اداوات مستحدثة وامسك بمفاتيح السياسة ليؤدي دورا بارزا في تسيير دفة الحكومات. مر عليه رئيسا حكومة معروف البخيت الدبلوماسي المتهم بالبيروقراطية والقادم من المؤسسة الامنية العسكرية،وشقيقه الاكبر نادر الذهبي.
الاول اصطدم بمطبات لم يكن بعيدا عن صنعها وواجه احباطات مزدوجة حركها نواب او اقلام تدور في أفلاك شارع الشعب او رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله .اما الثاني فسار حتى خروج شقيقه الاصغر من منصبه عبر طريق مضاءة يظللها رضا استخباراتي غير معهود مع انه واجه مشاكسة من كان على رأسي الديوان الملكي .
في الاشهر الاولى من ولاية نادر الذهبي ظهر تناغم معلن بين الشقيقين ورئيس الديوان الملكي السابق وصل حدود التلاقي اسبوعيا بخلاف حالات التنافر السابقة التي كانت تعرقل تعشيق مسننات الدولة على ان الانسجام تحول الى معركة كسر عظم حمل لواءها مدير المخابرات العامة السابق فاطاح الملك بعوض الله في عيد الفطر مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي . رشح لاحقا ان رأس الدولة حاول ثني الرجلين عن الامعان في المنازلة وحين لمس اصرارا على المضي في العداء حتى النهاية تخلى عن عوض الله وفي ذهنه كما ظهر لاحقا سيناريو مشابه للذهبي فخرج الاخير من منصبه في عطلة رآس السنة الهجرية اواخر العام الماضي والشارع يموج بتظاهرات صاخبة نصرة لحماس وأهل غزة ضد العدوان الاسرائيلي الذي دام ثلاثة اسابيع .
مناصرو الفريق الذهبي يؤكدون انه خاض معركة يعرف انها خاسرة ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن هكذا دخل المعركة على طريقته في - حماية الوطن واسنادا لتجربة شقيقه سادس رئيس حكومة في عهد الملك الرابع دون النظر الى العواقب في الوظيفية والموارد . تلك الفئة ترى ان الفريق الذهبي تنطح لفرملة مايصفونها بمخططات الليبراليين الجدد ..وفي مقدمتهم عوض الله .عرف لعبة الصحافة من البداية فتواصل مع الكتاب في الترويج لقضايا شعبوية مثل الانفتاح السياسي والتواصل مع الاحزاب والنقابات .
اليوم ينقل عن الذهبي تفضيله باثر رجعي لتيار ثالث بين خندقين :ليبرالية تريد القفز صوب نماذج اقتصادية مثل سنغافورة ودبي وقوى محافظة ترغب في الاحتفاظ بمكاسبها المتراكمة. الطريق الثالثة برأيه ستجنب الاردن خضات التحول المتسارع او خلخلة اساسات دولة نشأت منذ90 عاما على ميثاق غير مكتوب.
نجح في لعبة العلاقات العامة لكنها لم تبعد الاردن عن سهام نقد منظمات حقوق الانسان الدولية بما وصفته بـ التعذيب في السجون الاردنية ومنها ذلك التابع لدائرته فهو لم يتردد في فتح ابواب الدائرة امام وفود منظمة العفو الدولية في خبطة علاقات عامة محسوبة .
بحكم طبيعة عمله السابق يرفض الفريق الذهبي الحديث عن تجربته للصحافة وهو الذي يربض فوق اسرار شتى .
على ان ما ينقل عنه في مجالسه الخاصة يبدو ثوريا بخلاف طبيعة رجال الاستخبارات المتكتمة. يقول مقربون منه انه وقع ضحية نزعته نحو الانفراج السياسي والانفتاح على حماس في المقابل يؤكد سياسيون كانوا على صلة به ان تلك الطروحات لم تتعد دائرة التكتيك في المعركة ضد عوض الله ويرون ايضا ان تدخله في باحة القصر الخلفية لجهة التعيينات والاقالات عقب ابعاد عوض الله سرعت من خروجه.


* عن الزميلة \" السجل \"



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات