المعادلة المالية الاجتماعية الصعبة

هناك اعتقاد راسخ بأن الإيرادات المحلية المقدرة في الموازنة العامة لهذه السنة قد لا تتحقق بالكامل ، وأن النفقات الجارية الفعلية قد تتجاوز تقديرات الموازنة ، الامر الذي قد يرفع العجز في الموازنة فيما إذا تحقق ، وهو عجز كبير أساساً.
حتى لو تحققت كل الإيرادات المحلية ، ولم يحدث أي تجاوز للنفقات الجارية ، فإن كل الإيرادات المحلية ، بما فيها جميع الضرائب والرسوم والإيرادات الأخرى ، لا تكفي سوى لتغطية 89% من النفقات الجارية للحكومة ، أي أن المنح الخارجية والقروض هي التي تغطي كل النفقات الرأسمالية و11% من النفقات الجارية ، وهذا وضع غير مقبول في بلد مستقل ويريد المحافظة على استقلاله.
تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية هي الحد الأدنى لهدف الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي ، فمن غير المعقول أن نظل نعتمد على المنح الأجنبية والديون المحلية والخارجية لاستكمال دفع الرواتب والإيجارات والفوائد وفواتير الماء والكهرباء والقرطاسية إلى آخره أي لمجرد تسيير أعمال الحكومة اليومية.
بالرغم من هذه الحالة الصعبة ، التي تزداد سوءاً عاماً بعد آخر ، كما تدل الأرقام الفعلية للسنوات الثلاث السابقة والموازنة التقديرية للسنة الحالية ، فإن هناك تذمراً مفهوماً من ارتفاع الضرائب التي يدفعها المواطنون ومطالبة بتخفيضها ، وفي الوقت ذاته مطالب معززة بالاعتصامات والإضرابات تؤدي تلبيتها لزيادة النفقات الجارية.
بعبارة أخرى فإن الحكومة تحت الضغط لتقديم إعفاءات تخفض الإيرادات المحلية ، وتنازلات تزيد النفقات الجارية. صحيح أن الضرائب ثقيلة ولكنها غير كافية ، وحقوق الموظفين غير كافية ولكن الإمكانيات لتحسينها غير متوفرة.
هذه هي المعادلة الصعبة التي نجد أنفسنا نواجهها ، وهي غير قابلة للحل على المدى القصير بدون تضحيات من كل الأطراف. أما على المدى الطويل فلا بد من النمو الاقتصادي أي تكبير الكعكة المطلوب توزيعها أو إعادة توزيعها.
الاعتصامات والإضرابات لا تساعد في تحقيق النمو المنشود ولا تشجع المستثمرين ، ولا تعزز قدرة البلد على تلبية متطلبات الجميع.(الرأي)