في اختلاف الناس حول سورية

حدة الاختلاف في الرأي والموقف بين الأردنيين حول الوضع في سورية تفوق مثيلاتها حول أي قضية سياسية أخرى قومية أو وطنية.
وحتى في أوساط الصحفيين والكتاب الذين يعيشون جدلاً حاداً حول الأمر, فقد سبق أن كان بين تياراتهم خلافات في الموقف من قضايا كبرى مثل اتفاقات الصلح مع العدو والمقاومة واحتلال العراق والمشروع الأمريكي الذي يعتبره فريق تدميرياً للمنطقة فيما يراه الفريق الآخر برنامجاً للديمقراطية, غير أنه يلاحظ أنهم كانوا يحرصون على أن يبقى الأمر في سياق الاختلاف في الرأي الذي "لا يفسد للود قضية", مع أنه -بالمناسبة- لم يثبت دائماً وجود قدر فعلي من الود بينهم حتى يفسد أو لا يفسد.
خصوصية الاختلاف حول الحالة السورية لا تقتصر على الأردن والأردنيين بل تشمل كل العرب وجزء كبير من شعوب العالم المتابعة والمهتمة. وبالتدقيق في محتوى هذا الاختلاف قد نكتشف أنه أمر طبيعي واعتيادي.
فباستثناء فريق محدود جداً من الموالين بالمطلق والمناهضين بالمطلق للنظام السوري, فإن جوهر الاختلاف لا يدور حول هذا النظام بل حول سورية ذاتها, أي حول مركزها ودورها وموقفها حاضراً ومستقبلاً, وخاصة من زاوية حضورها في الصراع القومي.
قد يكون هذا التقييم ظالماً لعدد لا يستهان به من أصحاب المواقف القومية والديمقراطية ممن يرون فيما يجري في سورية ثورة اجتماعية, وهو بالتأكيد تقييم ظالم لقسم من الأوساط الشعبية والوطنية السورية التي تخوض نضالاً حقيقياً مشروعاً كباقي الشعوب, لكن المشهد العام للاصطفاف لا يترك لهؤلاء مكاناً مؤثراً حقيقياً, إذ أن قطبي الخلاف الفاعلَين والمؤثرَين واضحان ويزدادان وضوحاً يوماً بعد يوم, وهما ذات القطبين في الموقف من قضايا الأمة ككل بما فيها قضايا الشعب السوري.(العرب اليوم)