باريس مربط خيلنا

فيما كان الاستعمار البريطاني منشغلا بانتاج (كوادر سياسية) تمثله في الشرق وكان الاستعمار الامريكي الجديد منشغلا بانتاج الجواسيس (نفذ ولا تناقش) ركز الاستعمار الفرنسي على المثقفين لاداء اهداف سياسية.
ومع ان الثورة البرجوازية الفرنسية نفسها اكلت مثقفيها على المقاصل (روبسبير, دانتون, ميرابو) وانتهت مبكرا ولم يعد ما يحمله نابليون معه في حروبه (التحررية) سوى اضغاث احلام سرقها محفل الشرق الاعظم الماسوني الاب الروحي للفرنكفونيه, فما من مثقف ومقاتل كان مأخوذا بشعارات الثورة المغدورة في باريس نفسها, الا وكان ماسونيا من بوليفار في امريكا اللاتينية الى الامير عبدالقادر الجزائري الى الافغاني ومحمد عبده واليسار الاجتماعي المبكر (شميل واسحق وغيرهم) الى قادة وزعماء المؤتمرات التركية والالبانية والعربية التي كانت تدعو لمواجهة بقايا الاقطاع العثماني بشعارات الحرية والديمقراطية والثورات الدستورية ومنها المؤتمر العربي في باريس 1913 ، وعدد من قادته الذين اعدمهم جمال باشا السفاح بتهمة التخابر مع المخابرات الفرنسية, ومنها كذلك المؤتمرات المعروفة بالظهير البربري لشق الثورة الجزائرية.
واللافت للانتباه هنا, انه ما من مرة تمكن الاستعمار الفرنسي من احتلال بلد ما بدعم مثقفي الفرنكفونية والنزلاء الدائمين على جامعة السوربون ودوائر الاستشراق الاستخباراتية وجوائزها الادبية ومساعداتها الانسانية للمثقفين!! الا وتحول الى جلاد جماعي رهيب كما فعل في الجزائر وغيرها..
ورغم ذلك هناك من يريد ان يقنعنا ان باريس ساركوزي, جلاد الضواحي الباريسية, هو وريث الثورة الديمقراطية ونابليون الاول, وان بامكان مصطفى عبدالجليل ان يلبس رداء الشيخ محمد عبده او لطفي السيد وان يحول المجلس الانتقالي الى صورة ليبية عن مؤتمر باريس 1913 ، ومثل عبدالجليل ورفاقه نسخة سورية من زبائنها اساتذة في القسم الشرقي للسوريون ومثقفون يعتاشون على المراكز الفرنسية التابعة للخارجية هناك..
ولهؤلاء خاصة اليساريين منهم اذا ما كانوا لا يزالون يعتقدون ان ماركس لا يزال صالحا للاستخدام - اذكرهم فقط بما كتبه عن كومونة باريس وخيانتها من (المتشدقين) بالديمقراطية, وبما كتبه عن الثامن عشر من برومير بونابرت.. فاذا كان هذا البونابرت نسخة كوميدية عن نابليون الاول, فما هي حال ساركوزي, وما هي النسخة العاشرة من جماعة المؤتمر العربي في باريس 1913 .(العرب اليوم)