جولة في مديونية أميركا

أميركا أكبر مديون في العالم بالأرقام المطلقـة حيث بلغ مجموع دين الخزينة 3ر14 ترليون دولار تشكل حوالي 100% من الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في العالم.
لكن أميركا ليس أكبر مديون بالمقياس النسبي ، ذلك أن مديونيـة اليابان وإيطاليا وايرلندا وبلجيكـا تفوق مديونيـة أميركا وتفوق مديونية كل منها حجم الناتج المحلي الإجمالي.
تحليل مديونية أميركا يقلل من مخاطرها ، ذلك أن 6 ترليونات من الدولارات من أصل مديونيـة الخزينة مطلوبة لجهات حكومية أخـرى ، وفي المقدمـة البنك المركزي وصندوق الضمان الاجتماعي ، أي أن جانباً كبيراً من مديونية أميركا هي من الحكومة الفيدرالية وإليها. الأمـر الذي ينطبق بدرجة أكبر على اليابان ، حيث معظـم مديونيتها منها وإليها.
وهناك 8ر3 تريليونات من الدولارات تعود للولايات والبلديات والشركات والأفـراد الأميركيين أما المديونية للخارج فتقتصر على 4ر4 تريليونات من الدولارات تشـكل ما لا يزيد عن 30% من الناتج المحلي الإجمالي ، وتعـود إلى الصين 1ر1 تريليون ، اليابان 9ر0 تريليون ، وباقي الجهات الخارجية 4ر2 تريليون دولار.
هذه الأرقام والنسب المئوية يمكن استخدامها للتهوين من خطر المديونية بشكل عام ، صحيح أن الديـون المطلوبة لجهات أجنبيـة أخطر من الديون المطلوبة لجهات داخلية ، ولكن الضرر الأكبر يتأتى من كلفـة خدمة الديون التي أخذت تأكل حصـة متزايدة من موازنة الدولة المدينة.
ارتفاع المديونيـة يعني ارتفاع كلفة الفوائد السنوية التي تشـكل ضغطاً على موارد الخزينة وتدفعهـا باتجاهين الأول زيادة الإيرادات عن طريق المزيد من الضرائب ، وثانيها تخفيض الإنفاق على بعض الخدمات التي تهم الفئات محـدودة الدخل كالتأمين الصحي والتقاعد والتعليـم وما إلى ذلك ، فالمديونيـة لها أبعاد ماليـة واجتماعية سلبية كما أنها تزعزع الثقـة العامة باقتصاديات الدولـة وتنفر المستثمرين.
المعيار المعمول به لقياس مديونية الدول هو نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ، وهـو مقياس مضلل ، فالاقتصاديات الغنية تتحمل نسـبة مديونية أكبر دون أن يؤثر ذلك على مصداقيتهـا ، كما يحدث في اليابان ، أما الدول الفقيرة النامية كالأردن فلا تتحمل مخاطر المديونية الثقيلـة.(الرأي)