أفضل قراءة لأطفالنا من رسوماتهم!؟
كنت ادخل بالصدفة البهو الواسع لادارة أحد البنوك لأجد معرضاً للصور استوقفني لتنوعه واتساعه ثم أدركت أن هذا جزء من المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن تتحملها المؤسسات والشركات في القطاع الخاص والمشارك..
لفت انتباهي أكثر حين اطلعت على كتيبات تحوي مسابقات لرسوم الأطفال عن دورتين في أعوام (2009-2010) وأعوام (2010-2011) وقيل ان المجموعة الثالثة في حالة نشر..
هذه أول مرة استطيع أن أقرأ فيها أطفالنا من خلال رسوماتهم وأن أتعرف على قدراتهم ودرجات الالهام لدى الصغار فالجهد الذي بذل للوصول الى هذه الغاية كبير وهو جزء منظم احتواه المعرض العائد للبنك..
سن الاطفال المشتركين من الاناث والذكور توزع ما بين خمس سنوات و(15) سنة وقد شملت المسابقة أطفالا من بيئات تعليمية فقيرة وأخرى متوسطة وغنية ومن مدارس حكومية وأخرى أهلية ومن مدارس في عمان وأخرى في المحافظات البعيدة وحتى الأغوار وقد أعلنت المسابقة في الدورات السابقة أسماء الفائزين ونشرت لهم لوحاتهم باشراف الفنان محمد الجالوس الذي قدم لأعمالهم الواعدة وقد كانت اللوحة الفائزة الأولى للطفلة الفنانة رفقة قدادة التي جسدت فيها الوحدة الوطنية..أما في مجموعة 2011 فقد فازت الطفلة جمانة ابراهيم حسن وعمرها (5) سنوات وبعيداً عن رسالة البنك التي هدف اليها في كشف المواهب وصنع المنافسة والقيام بواجب المسؤولية الاجتماعية فقد أخذت الكتيبات معي الى البيت لأقرأ بدقة اتجاهات الاطفال وهمومهم وتطلعاتهم واحساسهم من خلال ما جسدوه بأقلامهم وألوانهم في لوحاتهم لاستبين مناخاتهم الحسية والواجدانية والتأثيرات الواقعة عليهم وما أرادوا أن يعبروا عنه..
ففي اللوحات صخب المدينة وأخرى حوادث المرور وصور غابات وطبيعة وتعددت صور الاعلام الأردنية والفلسطينية ونهر الأردن وشرق النهر وغربه وكانت لوحة مرح العابد عن ذلك (10) سنوات..
وصور لفلسطين وهي تبحر في زورق يحمل قبة الصخرة للفنانة الطفلة غيداء العضايلة وأطفال فلسطين مقيدين وخلف القضبان لايناس جعفر وأخرى لفرات الجالوس لطفلة تحمل سلاحاً ولوحة لأعلام عربية وفريق رياضي كتب عليه «كلنا للوطن» للفنانة الطفلة جود حدادين..وصور رفع أعلام أردنية بسواعد الاطفال للفنانة لارا نبيل حداد وفي نفس الموضوع لكريم اسامة غيشان..لقد رسم الأطفال فلسطين ومعاناتها بوعي شديد وعبّروا عنها بأفضل مما يعبر عنه الكبار وفي صيغة مدهشة لا تعرف التفريق بين أصول ومنابت ومسلم ومسيحي وذلك ما لفت انتباه المدير العام كمال البكري الذي اشار الى ذلك..
وفي حين رسمت الطفلة نيفين أبو سردانة الجمال وبيوت الشعر والبداوة بصفاء ووضوح وانتماء رسمت نتالي أيوب المدينة وسياراتها وبناتها وكلاهما في عمر ما دون العاشرة..
عمر عاقلة رسم بيوتاً هدمها الاحتلال على رؤوس أهلها ورسمت الطفلة نهلة الثوابية القدس خلف الأسلاك الشائكة وأطفالها الباكين يستنجدون بالعرب واسم اللوحة «القدس تنزف» في حين رسمت تالا حسان الدرة لوحة جميلة لمسجد وكنيسة معاً وقد قصفت طائرة هلال المسجد وصليب الكنيسة...
الكتيبات الصادرة وثائق تعكس واقعاً يعيشه أطفالنا فالفقراء يرسمون لوحاتهم وأمنياتهم والأغنياء يفعلون ما يعيشون ولكن خيطاً ناظماً في وجدانهم هو وطنيتهم فالتعليم للصغار ما زال بخير وما زال يعكس عفويتهم وبراءتهم في لوحاتهم..
المتقدمون للمسابقة بالمئات وقد جرى فرز لوحاتهم وتصنيفها والفائزون عشرين من كل دورة جرى تقسيمهم حسب الأعمار لأربع فئات وقد نشر من اللوحات أكثر من مئة لوحة هي ما حصلت عليه وما نشر في كتيبات.. (الرأي)
