رفع سعر الفائدة على الدينار

قرار البنك المركزي قبل بضعة أشهر برفع سـلم الفوائد على معاملاته لم يؤثر على مسـتوى الفوائد المعمول بها في الجهاز المصرفي، فلـم ترتفع أسعار الفائدة على الودائع، ولم تتغير أسعار الفائـدة على التسهيلات المصرفية، وبقي هامش الفرق كبيراً بين الفوائد المدفوعة للمودعين والفوائد المطلوبة من المقترضين، لكن القـرار أكد الاتجاه العام نحو أسـعار فائدة أعلى وأثر على التوقعات.
العامل الأول الذي تأخـذه إدارات البنوك بالاعتبـار في الظروف الراهنة هو عنصر المخاطر، فالاستعداد لدفع سعر فائـدة مرتفع لا يغري البنك بتقديم تسهيلات لعميل تعتقـد أن عليه علامة اسـتفهام. والتنافس بين البنوك على أشـده لاجتذاب المقترضين المليئين والموثوقين، وهم قلـة، ولا يقفزون عادة من بنك إلى آخر.
في حالة الودائع لا تبدو البنوك متشـوقة لاجتذاب المزيد منها طالمـا أنها تحتفظ بسـيولة عالية ولديها أرصدة نقديـة فائضة لا تجني منها سوى أقل الفوائد، ولا يتوفر أمامها وسـائل لتوظيف مأمون لتلك السـيولة التي تعطي مـردوداً يقل عن كلفتها.
أما من وجهة نظر البنك المركزي فالعامل الأول المؤثر في مجال تحديد سعر الفائدة هو الإبقاء على جاذبية الدينـار، بحيث يظل يجني فائـدة أعلى من الدولار أو اليورو، فلا يبقـى هناك حافز للدولرة. ويبدو أن البنك المركزي شعر بشيء من هذا القبيل عندما لاحظ انخفاض احتياطياتـه من العملات الأجنبية خلال النصف الأول من السـنة.
لكن، لماذا يريد البعض رفع أسعار الفائـدة؟ في بلاد العالـم يرفعون سعر الفائدة لمكافحة التضخم عن طريق تبريد حرارة الاقتصاد والحد من الطلب الاستثماري والاستهلاكي، الأمر الذي لا ينطبـق في حالـة الاقتصاد الأردني، وهو أقـرب ما يكون إلى الركـود، ويطالب بالحوافز لتنشيطه، وليس بالكوابح لتهدئته.
بالرغم من الجمود النسـبي في النشاط الاقتصادي في المرحلـة الراهنة، فإن المؤشرات النقدية تعطي قراءات إيجابية، فعرض النقـد، وودائع الجمهور والتسـهيلات المصرفية تشير إلى نسب نمو عالية يناهـز بعضها 10%، كما أن أرباح معظم البنوك في حالة ارتفاع الأمر الذي يؤشـر إلى إمكانيات رواج اقتصادي قـادم.(الرأي)