المؤامرة نفسها للوصول إلى الكوارث نفسها

تم نشره الخميس 25 أيّار / مايو 2023 12:31 صباحاً
المؤامرة نفسها للوصول إلى الكوارث نفسها
علي محمد فخروا

متى سيدرك العرب، بما فيهم مؤسسات القمة العربية والجامعة العربية والتعاون الإسلامي، بأن الفاجعة الجديدة في القطر السوداني ليست إلا خرزة في مسبحة سايس – بيكو القديمة ومسبحة مدرسة الصهيوني برنارد لويس الحديثة؟ وهي مسبحة تشويه ثم محو مكوّني العروبة والإسلام كتمهيد للاستمرار في عملية تقسيم الوطن العربي كله إلى دويلات وجماعات متناثرة ضعيفة متخلفة وخارج العصر.
الهدف هما الهوية والوحدة، وقد جاء دور السودان الذي تتهيأ فيه الظروف شيئاً فشيئاً، والذي تقول بعض الدوائر الأمريكية بأنها ستعمل على تحققه بصورة تدريجية خلال الخمس عشرة سنة المقبلة.
تفاصيل سبل وطرائق تحقيق ذلك فصلها الصهيوني برنارد لويس منذ سنوات في برنامج استراتيجي ناقشه الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية ووافق على أن يكون أساساً وموجهاً لدوائر الحكم الأمريكية في تعاملها مع الأقطار العربية المفصلية. ومن قبل ذلك وضعها في الخمسينيات من القرن الماضي الصهيوني بن غوريون كجزء من السياسة الخارجية للكيان الإسرائيلي.
وما على الإنسان إلا أن يراجع ما فعلته أمريكا، تحت غطاء كل أنواع الكذب والإفساد والخيانة، بالعراق وسوريا وليبيا، كأمثلة، من تدمير مادي واستباحة للثروات واستنفار لشتى الخيانات وإثارة لكل النعرات التي وضعها وطالب بإثارتها واستعمالها برنارد لويس، حتى يدرك حجم المآسي التي تنتظر شعب السودان، وعلى الأخص قوى الثورة والوطنية فيه.

العرب يحتاجون الآن، وبشكل وجودي، إلى مؤسسة وحدوية تضامنية في الاقتصاد والأمن والعلاقات مع الخارج

وإذن فالموضوع السوداني، ما لم ينظر إليه لا من زواياه الداخلية فقط، وإنما أيضاً من زواياه القومية والإسلامية والاقتصادية العولمية الرأسمالية الطامعة في ثروات السودان الهائلة والجنون الديني اليميني الصهيوني بشأن السيطرة الجيواستراتيجية الكاملة على البحر الأحمر ومداخله… ما لم ينظر إليه كجزء من عواصف استعمارية زادت قواها وقدراتها التدميرية في العشرين سنة الماضية، ويراد لها أن تستمر في الهبوب والتدمير قبل أن يحل الأفول الأمريكي المنتظر، فإننا لن نرى فقط زوال السودان العربي المليء بالإمكانيات الهائلة، الذي عرفناه، وإنما زوال الكثير من الأقطار العربية الأخرى في المشرق والمغرب على حد سواء.

وإذن، فما الذي يمكن فعله؟ هذا موضوع كبير ومتشعب وسيحتاج إلى حراكات مجتمعية عربية كبرى، ولكنْ هناك نقاط تحتاج إلى أن تطرح للنقاش في الحاضر من أجل منع مجيء المزيد من الكوارث.
أولاً: نكرر مع غيرنا للمرة الألف بضرورة أن يتخذ قادة مؤسسة القمة العربية قراراً حاسماً بشأن إحداث تغييرات كبرى في تكوين وأهداف ووسائل عمل الجامعة العربية، لتلعب دوراً محورياً في مساعدة كل قطر عربي يواجه عواصف الخارج والداخل. العرب يحتاجون الآن، وبشكل وجودي، إلى مؤسسة وحدوية تضامنية في الاقتصاد والأمن والعلاقات مع الخارج، وهذا ما لم يسمح البعض للجامعة أن تقوم به. ومن الممكن استعمال الخطوات الجريئة التي بدأتها المملكة العربية السعودية كمدخل للموضوع برمته.
ثانياً: سيحتاج السودان مع مصر أن يفكرا جدياً في إعادة بحث فكرة وحدة وادي النيل القديمة. هذا موضوع مفصلي وجودي لمواجهة المؤامرات التي يتعرض لها البلدان بالنسبة للأمن المائي من جهة وبالنسبة لما تخطط له الصهيونية منذ أيام الرئيس عبدالناصر من جهة أخرى، وبالنسبة لما تريده أمريكا من تهميش تام لمصر العروبة وقدراتها القيادية.
ثالثاً: آن الأوان أن تتغلب كل قوى المجتمع المدني السودانية، السياسية والنقابية والمهنية والنسائية والدينية، على خلافاتها وتقول كلمة «لا» رجوع إلى نظام الحكم العسكري الذي أهلك السودان عبر ستين سنة، وأن الانتقال في الحال إلى نظام ديموقراطي دستوري عادل لا يمكن المساومة عليه. ومن أجل ذلك أصبح الالتفاف من قبل الجميع حول الجيش الوطني ليقضي على الفتنة أمراً ملحاً.
هذه اللحظة تحتاج على الأقل العمل على تحقق تلك الخطوات وإلا فانها الكارثة للسودان ومن ثم البقية، ولن يسلم أحد، ولن تقوم قائمة للنائمين أو المتفرجين.
يا شباب وشابات السودان الرائع، بجمال شعبه الطيب الرقيق، انتبهوا.
كاتب بحريني

القدس العربي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات