هذا وقت الانتصار لفلسطين

تم نشره الأربعاء 21st أيلول / سبتمبر 2011 01:44 صباحاً
هذا وقت الانتصار لفلسطين
عريب الرنتاوي

يخوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس غمار واحدة من أهم معاركه السياسية على الإطلاق...وأحسب أن مصيره الشخصي ربما يكون على المحك هذه المرة...فإن عاد باعتراف دولي بدولة فلسطين عضو (أو غير عضو) في الأمم المتحدة، فإن مكانته السياسية في المنظومة الفلسطينية والعربية ستتعزز كما لم يحدث من قبل، وإن رجع إلى بلاده بـ»خفي حنين» كما يشتهي بعض ضيقي الأفق من الشامتين والمنشغلين بحساباتهم الصغيرة، فأحسب انه سيكون قد أسدل الستار بنفسه، على حياته السياسية، وثمة سيناريو ثالث، تجري بشأنه الاتصالات والمشاروات بكثافة، وأعني به، الوصول إلى «حل توفيقي وسط» على قاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، عندها سيظل يراوح مكانه ومكانته.

والحقيقة أن مصير القضية والحقوق والنضال الفلسطيني هو أكثر ما يعنينا في الأمر...مع أن كرامة الرئيس ومصيره الشخصي، لا يمكن أن يكونا أمرين ثانويين، لا سيما أن بعض متطرفي الكونغرس الأمريكي، قد تصرفوا بما يشبه سلوك «البلطجية» في شوارع «الربيع العربي»، عندما هددوا بفتح ملفات الرئيس وأنجاله الشخصية، رداً على إصراره على المضي قدماً في توجهه صوب الأمم المتحدة...نسي «سدنة الديمقراطية والعالم الحر» أن صمتهم طوال هذه السنوات عن «فساد الرئيس» فضيحة لهم ولمنظومتهم الأخلاقية إن كان في الأمر فساد من أي نوع، أما إن كانت المسألة برمتها مندرجة في سياق «الضغط» و»التلفيق» و»التبلي»، فالفضيحة أعظم...هؤلاء السادة الأجلاء يصمتون عن الفساد والفاسدين إن كانوا في خدمة إسرائيل وأمنها ومصالحها، ويرمون الناس جزافاً بأقذع الاتهامات إن هم شقوا عصا الطاعة، وخرجوا عن «نظرية الأمن الإسرائيلية» بضوابطها ومحدداتها التي لا يمكن لأحد أن يطيق صبراً عليها، أو أن يتكيف مع مقتضياتها.

أياً يكن من أمر، فإن المعركة تحتدم، وعلى الفلسطينيين أن يبذلوا ما في وسعهم لكسبها...وليس الآن، أوان تصفية الحسابات الداخلية، أو إدعاء الحكمة بأثر رجعي أو «تقدمي»...الفلسطينيون مطالبون بالتوحد والاتحاد في ميدان المواجهة...والذين يريدون الاستنكاف عن المشاركة في مظاهرات «جمعة الحشد والتأييد» للمسعى الفلسطيني في نيويورك، عليهم أن يراجعوا مواقفهم، وأن يخرجوا عن بكرة أبيهم للشوارع، كل الشوارع وفي كل العواصم، وليرفعوا ما شاؤوا من شعارات هدفها إحاطة الخطوة الفلسطينية بكل «الضوابط» و»القيود» التي تمنع إنزلاقها إلى مربعات الخطر والتفريط... المعركة الآن، ليست بين فتح وحماس، المعركة الآن مع الاحتلال ومناصريه وداعميه، فاليثبت الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، أنه على قلب رجل واحد، وليخض معركة الاعتراف بالدولة موحداً، كما توحد في الميدان في الكثير من معاركه ومنازلاته الكبرى على امتداد كفاحه المجيد في سبيل الحرية والاستقلال.

ولا ينبغي أن نجعل من «دعوات الخروج والتظاهر» التي صدرت عن بعض المسؤولين الفلسطينيين من ناطقين متهافتين وأمناء سر نعرفهم جميعا، مادة للسخرية، مع أنها تثير السخرية حقاً، فالذين نسوا الشعب طوال هذه السنين، لا يحق لهم أن يتذكروه «ذات صباح جميل»...لقد انطبق عليهم ما انطبق على الراعي الأرعن، في قصة الأطفال الشهيرة: «الراعي والذئب»...إن خروج الشعب بملايينه إلى الشوارع لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه استجابة لنداءات شخصيات مفلسة، تثير النفور أكثر مما تدعو للثقة... خروج ملايين الفلسطينيين في انتفاضة النصرة والغضب، هو انتصار للحق الفلسطيني، ودعم لقضية الشعب المنكوب في وطنه وعلى امتداد بلاد اللجوء والمنافي والشتات.... فليخرج الفلسطينيون إلى شوارع «ربيع العرب» تحت رايات العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس... ليخرجوا تحت رايات تصحيح المسيرة والمسار... ليتظاهروا دعماً للمصالحة والوحدة وبناء الجبهة الداخلية...الوقت ليس وقت الاستنكاف والقعود، الوقت وقت البرهنة على وحدة هذا الشعب واستمساكه بحقوقه الوطنية المشروعة.

ولا ينبغي لأحد في هذه المنازلة أن يقيس المواقف والسياسات بميزان المصالح الفئوية الضيقة، شخصية كانت أم فصائلية... وعلى الذين يتواجدون اليوم في نيويورك أن يظهروا الصلابة المطلوبة في مواجهة الضغوط وعمليات الالتفاف، كل الضغوط وأياً كان مصدرها، حتى وإن تعرضوا لوابل من القصف العشوائي الكثيف، حتى وإن كانت مصائرهم الشخصية مهددة...أما الذين يتابعون المعركة من بعيد، فليس لأي منهم أن يتصرف على أنها فرصة لإلحاق الهزيمة بعباس أو فتح....والشعب الفلسطيني سيحاسب كل من تخلى عنه في معركته هذه...سيحاسب القيادة إن هي تخاذلت وانحنت لعاصفة الضغوط والمساوات والتسويات...وسيحاسب القاعدين في بيوتهم المكتفين بمتابعة ما يجري على شاشات التلفاز، الذين ينتظرون بفارغ الصبر والشماتة، هزيمة هذه «المحاولة» الفلسطينية.

ولا ينظرن أحد على أن هزيمة عباس في هذه المعركة هي انتصار لحماس...هي انتصار للاحتلال والاستيطان ولليمين المحافظ ولكل خصوم الشعب الفلسطيني وأعداء حقوقه وكفاحه...وإن انتصار عباس في هذه المعركة لهو هزيمة لهؤلاء، ولهؤلاء فقط...أما الخلاف العميق في الساحة الفلسطينية، فلدينا كل الوقت لمتابعته وتصفية ذيوله...لدينا كل الوقت لمقارعة نهج التفاوض العبثي...لدينا كل الوقت للضغط في سبيل استراتيجية بديلة واصطفاف وطني مغاير...لدينا كل الوقت لإعادة انتشال وبناء وهيكلة منظمة التحرير...الوقت ليس وقت تصفية حسابات داخلية...الوقت المتبقي يجب أن يكرس لتحقيق هدف واحد: منع إسرائيل من الانتصار.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات