سوريا واليمن .. والمعايير المزدوجة

تم نشره السبت 24 أيلول / سبتمبر 2011 01:43 صباحاً
سوريا واليمن .. والمعايير المزدوجة
عريب الرنتاوي

في الشكل، تبدو عودة الرئيس اليمني إلى صنعاء «تسللا» لا يمكن لأي حَكَم نزيه أو عادل أن يحتسب «الأهداف» التي سيسجلها بعد اقترافه هذه المخالفة الصريحة...أما في المضمون فإن علي عبد الله صالح ما كان له أن يعود لمزاولة أعماله، لولا تسلحه بقرار «إقليمي» و»دولي» يسمح له بمغادرة السعودية إلى اليمن، بالضد من إرادة الغالبية العظمى من اليمنيين.

عودة الرئيس «المحروق» لمزاولة دوره في قمع شعبه، توّجت أسبوع دام من الاعتداءات الحكومية المنهجية والمنظمة ضد شباب التغيير والمحتجين السلميين في صنعاء وتعز، دفع خلاله اليمنييون ما يقرب من المائة شهيد وأضعافهم من الجرحى والمصابين، في تطور عدّه المراقبون محاولة فجّة ودامية لاستدراج للثورة إلى مربعات العنف والحرب الأهلية.

والحقيقة أن أحداث الأسبوع الفائت في اليمن، تدفع المراقب دفعاً للمقارنة بين المواقف الإقليمية والدولية من اليمن وسوريا...هنا نظام دموي وهناك نظام دموي آخر...هنا نظام حكم عائلي غارق في الفساد، وهناك نظام مماثل...هنا ثمة مواقف وسياسات تقود البلاد إلى الانقسام والاحتراب الأهلي والتقسيم، وهناك نظام لا يفعل سوى الشيء ذاته.

لكن مع ذلك، نرى الإقليم و»المجتمع الدولي» متحدين هنا، ضد نظام الحكم في سوريا...فيما نراه يصمت صمت القبور في الحالة اليمنية...هنا تتكثف المطالب الداعية لرحيل الأسد، والمُحمّلة له بكل الأوزار عماً جرى ويجري...وهناك يحظى الرئيس بشبكة أمان إقليمية ودولية، تمكنه حتى من تصعيد عملياته القمعية ضد أبناء شعبه العزل...هنا يجري فرض عقوبات وحصارات على النظام والشعب على حد سواء...وهناك يجري دعم النظام وتقديم مساعدات لأراكانه ....هنا يفرض حظر على استيراد السلاح وهناك يجري تزويد النظام بكل ما يحتاجه من مال وسلاح وعتاد وذخيرة.

وبمقدورنا أن نذهب في المقارنات أبعد من ذلك بكثير... فالثورة في اليمن أكثر وضوحاً وتبلوراً لجهة سلميتها واتساع نطاق المشاركة فيها... وحده النظام من يمارس القتل والقصف والقنص للمتظاهرين العزل... في حين نجد المشهد في سوريا أكثر غموضاً بعض الشيء، والعنف لم يعد ممارسة خاصة بالنظام، بعد أن تعددت الكمائن والإغارات على قوى الأمن والجيش...ومع ذلك، تحظى الثورة السورية بـ»احتضان» دولي وإقليمي لا تحظى الثورة اليمنية بمثله.

في الحالة اليمنية، ثمة نظام سلّم مقاليد «السيادة» للطائرات من غير طيّار ولأجهزة المخابرات من كل صنف وجنس ولون، تلاحق القاعدة وأخواتها في اليمن... أما في الحالة السورية، فثمة نظام «مُتطلّب جداً» حين يتصل الأمر بتعاونه في «الحرب على الإرهاب»، وهو شديد الحساسية حيال التدخلات في شؤونه الداخلية.

في كلتا الحالتين، يخيم شبح القاعدة على رؤوس الجميع، ويهدد الأمنيين الإقليمي والدولي...لكن ما يميز اليمن عن سوريا، أن هذا الخطر مكتمل وناضح وواضج المعالم في الحالة اليمنية، وما زال كامناً وملتبساً ومحتملاً في الحالة السورية... في الحالة اليمنية، نجح النظام في تقديم نفسه بوصفه ضمانة لعدم إمساك القاعدة بتلابيب السلطة والسيطرة، إن لم يكن في اليمن كله، فعلى أجزاء ومناطق منه...أما في الحالة السورية، فثمة فرضية ما زالت تهيمن على دوائر صنع القرار الأمني، مفادها أن النظام يستخدم القاعدة لأغراض تكتيكية، من بينها تصفية الحسابات مع خصومه، وأن تعاونه في الحرب على القاعدة، غير مضمون وغير أكيد.

في الحالة اليمنية، «يتواضع» دور العامل الإسرائيلي في النظر للصراع الدائر بين الشعب الأعزل ونظام الفساد والاستبداد...أما في الحالة السورية، فالعامل الإسرائيلي حاضر بقوة، وفي غير صالح النظام كما تكشفت المواقف الإسرائيلية مؤخراً.

لكل هذه الأسباب، تبدو المواقف من الأزمتين اليمنية والسورية، متفاوتة، إقليمياً ودولياً...لكل هذه الأسباب تبدو المعايير مزدوجة عند النظر للحالتين...هنا وهناك، يبدو الشعب والمواطنون وحقوق الإنسان ومستقبل الديمقراطية، في آخر قائمة اهتمامات القوى الإقليمية والدولية.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات