موسم الدولارات من الشمال

بعكس مصطفى سعيد بطل رواية السوداني الطيب صالح "موسم الهجرة الى الشمال" الذي عاد الى الجنوب "السودان" بعد تجربة فاشلة في الشمال "لندن" ثمة من يمم جيوبه الى الشمال بحثا عما تخلى عنه سعيد: الدولارات, النساء وآخرهن جين مورس, لكن وفي هذه المرة بالذات, ليس مطلوبا من هؤلاء خدمة الامبريالية بمحاضرات عن السياسة والاقتصاد في المتروبولات "العواصم الرأسمالية" بل في بلدانهم.
فالدولارات والشيكات تصل اسرع اذا كان الغطاء ملائما: مراكز دراسات خاصة بحقوق الانسان او حرية الصحافة او الاسلام السياسي او "الاقليات المهمشة او الاكثريات المعزولة ... الخ"
وفوق ذلك, فان هؤلاء ليسوا مضطرين لتحسين اوضاعهم والانتقال الى احياء الاغنياء الى السفر الى الخليج والحياة في صندوق اسمه الكونديشن .. فثمة علاوات مجزية على الخدمة حيثما يكونون ..
موسم الدولارات مبشر هذا العام ولا استثناء لاحد ممن يرغبون في خدمة السلام العالمي على الطريقة الامريكية. فكيف اذا ارتبط هذا الموسم بشيء من الذاكرة "الثورية" ذلك ان هؤلاء الذين اكتشفوا ان امريكا ليست امبريالية وبإمكانها ادارة ثورات ملونة بطعم البرتقال والمشروب الازرق, تورطوا ذات مرة مع اليسار قبل "صحوتهم" على كف واحد من حراس الجنرالات الذين نبتوا مثل الفطر ومن دون حروب في الوطن المنكوب من المحيط الى الخليج ..
موسم الدولارات مبشر هذا العام لمن هب ودبّ ومن يشاء من دون حساب اللهم قليلا من المقالات والدموع على حقوق الانسان, هنا وهناك بشرط واحد وحيد لا يقبل التأويل: لا حقوق ولا حريات تمتزج مع العدالة والتحرر الوطني والقومي وفك التبعية والاعلاء من ثقافة المقاومة ضد الصهيونية والامبريالية, والتأكيد على الهوية العربية.
فما تريده البيوت العامرة الابيض, والأليزية وداوننغ ستريت حريات على الناشف في خدمة وول ستريت, وهويات مثل الميكروبات .(اليوم العرب)