مشروع الدولة الفلسطينية

تم نشره الثلاثاء 27 أيلول / سبتمبر 2011 02:00 صباحاً
مشروع الدولة الفلسطينية
رحيّل غرايبة

أنا أذهب بالفطرة إلى تأييد إقامة دولة للشعب الفلسطيني, مثلي كمثل أغلبية سكان الكرة الأرضية, الذين يؤمنون بضرورة حق الشعب الفلسطيني أن يقرر مصيره ويقيم دولةً على أرضه, أو على جزء من أرضه, كحق طبيعي للبشر, مثل كل شعوب العالم, وهذه الدولة ينبغي أن تكون دولة حقيقية وكاملة السيادة, وتملك كل حقوق الدول ومكتسباتها من دون أيّ انتقاص أو قيود ليست مفروضة على أي دولة.

أغلب دول العالم رحبت بهذا الحق, وكثير من زعماء العالم أيدوا هذا الحق, باستثناء (إسرائيل, وأمريكا) اللتين وقفتا موقف العداء المصحوب بالظلم والغطرسة تجاه هذا الحق الطبيعي الذي تقرّه شريعة الأمم المتحدة نفسها التي شاركت في صياغتها أمريكا نفسها.

أكثر ما يدعو إلى الاستفزاز وإثارة كوامن الحقد, أن تهدد الولايات المتحدة بالفيتو ضد هذا الحق الأممي المشروع, الذي يخص شعباً بعينه, بحيث يسجل التاريخ هذا الموقف الظالم وغير المبرر من أمّة تجاه أمّة أخرى, في حق خاص لا نزاع فيه ولا اختلاف في أصل مشروعيته.

إنّه موقف عدائي سافر غير مبرر في المنطق الإنساني, ولا بالمنطق القانوني, ولا بأي وجه من الوجوه, سوى أنّه حقد غريزي, ومن بقايا العنصرية المتأصلة في نفوس كثير من الشعوب الغربية وخاصة المتصهينة منها والمتطرفة, التي أدمنت على الظلم والعدوان.

وهذا يقودنا إلى منطق عقلي جامع, أنّ هيئة الأمم المتحدة محكومة بنظام غير ديمقراطي, لا يقوم على رأي الأغلبية, ولا يحترم التعددية الصحيحة, لأنّ الخضوع لمنطق (الفيتو), هو خضوع لنظام العصابات والمافيات التي تحكم سيطرتها على العالم بمنطق القوة الغاشمة والبلطجة, بعيداً عن احترام منطق العضوية العالمية المتساوية في هيئة الأمم, فليس من المعقول أن تصوّت (150) دولة على رأي, وتستطيع دولة واحدة مخالفة هذا القرار الأممي ومصادمته بحق فردي متعسف تحت مسمّى (الفيتو), أي منطق يقبل هذا التسلط وهذا التعسف غير المبرر الذي يمثل صورة متخلفة تسيء إلى الفكر الإنساني والتحضر البشري والمنطق الآدمي?!.

من هنا فإنّ هيئة الأمم المتحدة بحاجة إلى ثورة ربيعية, تنسف هذا الإرث الاستعماري المتسلط البغيض في صياغة أنظمتها القائمة على منطق عنصري استعلائي, لا يمت للديمقراطية بصلة, ولا يحترم العدالة الإنسانية, ولا يتماشى مع تقدم الفكر الإداري الديمقراطي على مستوى البشرية, وإعادة تنظيم الأمم المتحدة بطريقة ديمقراطية صحيحة, وفكر إداري حضاري يحترم العقل الإنساني وكرامة الآدمي, وتخضع الأقلية للأغلبية, وأن يصبح مجلس الأمن بالانتخاب الحر النزيه من أمم الأرض, والتخلص من الفكر الإقطاعي السياسي الظالم الذي يناقض العقل والمنطق, ولا يحترم الفكر الإنساني الحضاري المتقدم الذي يساوي بين الأجناس والأمم والأديان والمذاهب والألوان بلا تمييز أو تفرقة. إنّ القبول بهذا النظام الظالم يمثل قبولاً بنظام الاستعباد والرقيق الذي يمثل الإهانة للبشرية جمعاء.

وما يدعو إلى الدهشة الانقسام الفلسطيني حول مشروع الدولة الذي ينبغي أن يحظى بالإجماع, رغم الانقسام الفكري والأيدولوجي ورغم التباين في السياسات والتوجهات; لأنّ التصويت الأممي على قيام دولة للفلسطينيين, لا يتعلق بأيّ حال من الأحوال بموضوع نقص السيادة, ولا بالحق الثابت المتعلق بالعودة إلى الأرض والديار ولا بحق الدفاع عن النفس, مثل كلّ شعوب العالم.

ولذلك كان ينبغي على (عباس) أمام هذه الخطوة المصيرية أن يعمد أولاً إلى جمع كلمة الشعب الفلسطيني حول هذا المشروع, قبل أن يتقدم به إلى الأمم المتحدة, وكان ينبغي عليه أن يتقدم بمشروع فلسطيني كامل, من دون حساب فصائلي مقيت, ومن دون حسابات صغيرة جزئية تنغص على الشعب الفلسطيني كله بالإضافة إلى كلّ مؤيديهم.

وكان يجب على (عباس) أن يحصل على التوافق العربي, بحيث يصبح مشروع فلسطيني عربي واحد, محل إجماع من دون أي خلاف, وكان باستطاعته أن يبذل جهده أيضاً في تحصيل التأييد الإسلامي قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة; لأنّ هذا المشروع أكبر من الفصائل, وأكبر من الاختلاف, وأكبر من الحسابات الشخصية والاختلاف بالرأي.

إنّ هذا المشروع الكبير الذي يلقى قبولاً عربياً وإسلاميا وآسيوياً وإفريقياً, ومن دول أمريكا اللاتينية ومن كل الشعوب المحبة للحق والعدل والسلام الحقيقي, ينبغي أن لا يتمّ بالسلق والحسابات الفصائلية المقيتة, وهذا المشروع الكبير بحاجة إلى نفوس كبيرة, وزعامات كبيرة تستعلي فوق الأشخاص والفصائل, ويحتاج إلى جهدٍ كبير ومتقن على الصعيد العربي والإعلامي, بتعاون منظم مع كل الأطراف الخيّرة.

والخوف من أن يتمّ إجهاض هذا المشروع بالعمل المنقوص, والحسابات الشخصية الفصائلية التي تقتل الأفكار الجميلة وتعطل المشاريع الكبيرة!(العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات