سورية والاردن الرسمي والشعبي 1 - 2

الاردن ليس مجرد دولة جوار شقيقة لسورية, بل يرتبط مصيره وأمنه بما يجري في دمشق, وعلاقة ذلك بالصراع العربي - الصهيوني واستحقاقاته, ناهيك عن ان الاردن كما فلسطين ولبنان وسورية الحالية, جزء من تاريخ وجغرافية سورية الطبيعية, ما يحتم على الاردن الرسمي والشعبي معا مواقف وقراءات اكثر حكمة ومسؤولية بالمعنى السياسي والأخلاقي.
وابتداء بالاردن الشعبي ثمة قراءتان او تحليلان بقدر ما يتصادمان بقدر ما يضران بالقضية السورية, الاول يؤكد تضامنا مطلقا مع النظام السوري انطلاقا من قراءة اقتصادية أيديولوجية ترى ان سورية عقبة »طبقية« امام الامبريالية .. فيما يعزل الثاني قضية الحريات العامة عن الصراع في المنطقة كما فعلت المعارضة العراقية من قبل وانكشفت اجندتها الامريكية, ويواصل الموقف نفسه لهذه المعارضة المشبوهة.
وفيما يحول الاول ما يجري في سورية الى قضية سجالية أيديولوجية تسمح لليسراوية السورية المتشنجة بالمزاودة النظرية انطلاقا من الطبيعة الطبقية البيروقراطية للنظام السوري غير المتصادمة بينيويا مع السوق الرأسمالي, يهرب التيار الثاني من حقائق المؤامرة ومشروع الشرق أوسطية الاسرائيلية الى الحريات العامة.
والأدق ان تشخص الحالة السورية من زاوية اللحظة السياسية لا اكثر ولا اقل من دون الاستغراق والخلط بين التشخيص الطبقي والأيديولوجي وبين التعاطي السياسي ... وبهذا المعنى ليأخذ الجميع مواقفهم بدلالة اصطفافهم المعروف وفق هذه البوصلة, بوصلة الموقف السياسي الراهن من المشاريع الامريكية - الصهيونية وامتداداتها وشبكاتها العربية والاقليمية, وذلك من دون تحميل دمشق ما لا تحتمل من توصيفات طبقية وأيديولوجية ومن دون الخلط بين التشخيص العام والمقاربات السياسية المطلوبة. فثمة عراق آخر في مرمى المشاريع المذكورة ولم ندافع عنه آنذاك لانه كان نموذجا للدولة العربية المنشودة, بل لان بديله كان ملايين القتلى والمشوهين واللصوصية الدولية والفتنة المذهبية. (العرب اليوم)