مسؤولية الوزراء جماعية

مع استثناءات محدودة جداً فإن الحكومات الأردنية المتعاقبة كانت تتشكل من التكنوقراط أي الفنيين والخبراء، وليس من السياسيين. ومن هنا فإن كل وزير يعتبر نفسه مسؤولاً عن وزارته فقط، وأنه لا ’يسأل عن أعمال وقرارات زملائه من الوزراء الآخرين.
هذا خطأ فادح، فالمسؤولية الوزارية جماعية، وكل وزير مسؤول دستورياً عن كل أعمال الحكومة وليس عن أعمال وزارته وحدها. ومعنى ذلك أن الخبير الذي يصبح وزيراً في ميدان اختصاصه يصبح سياسياً رغم أنفه بمجرد قبول المنصب الوزاري، ويكون مسؤولاً عن جميع تصرفات زملائه، مع أن موقعه الطبيعي أن يكون أميناً عاماً أو مستشاراً أو مديراً لإحدى الدوائر الفنية.
ينص الدستور الأردني على أن (السلطة التنفيذية تناط بالملك ويمارسها بواسطة وزرائه) وليس بواسطة كل وزير على حدة، وفي نهاية كل قانون يصدر مهما كان موضوعه يأتي نص على أن رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتطبيق أحكامه فليس الأمر متروكاً للوزير المختص وحده.
ليس طبيعياً والحالة هذه أن يقبل شخص دخول وزارة معينة دون أن يعرف أسماء زملائه وبرنامج العمل الذي ستنهض به الحكومة، وما إذا كان راغباً أو قادراً على تحمل مسؤولية الحكومة بأكملها.
الجاري عملياً أن بعض الوزراء لا يعرفون زملاءهم فيتم التعارف بينهـم في الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بل إن هناك حالات كان رئيس الوزراء لا يعرف بعض الوزراء ولا يحفظ أسماءهم إلا بعد مرور فترة على عمل الوزارة.
من الملاحظ في هـذا المقام ندرة اسـتقالة وزير على خلفية قرار خاطئ وغير مقبول أو سياسة غير مقنعة، فالوزراء يأخذون على عواتقهم مسؤولية ما يقتنعون به وما لا يقتنعون به. ويقول بعضهم أنه اعترض في مجلس الوزراء ولكن اعتراضه لم يؤخذ به، مع انه في هذه الحالة أمام خيارين: الأول أن يستقيل كي لا يتحمل مسؤولية القرار إذا كان مهماً، والثاني أن يعتبر القرار غير مهم فيواصل عمله ويتحمل مسؤوليته.
وهنا يأتي سؤال آخر: ما معنى المسؤولية؟ في التطبيق لم نشهد منذ تأسيس المملكة أن وزيراً أدين أو خضع للمحاكمة، فإما أنه ليس هناك مسـاءلة لاحقـة، أو أن مئات الوزراء الذين تداولـوا على المنصب لم يرتكب أي منهم أخطاء أو تجاوزات أو أعمال فسـاد تستحق المساءلة!.(الرأي)