خالد مشعل في عمان للمرة الثانية!

يأتي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الى عمان، لزيارة والدته المريضة، وقد سبق ان جاء الى عمان اثر وفاة والده، وشارك في العزاء في مدينة صويلح.
لا نريد ان نفسد زيارة الرجل بتحميلها ابعادا سياسية فوق ما تحتمل، غير ان علينا ان نتذكر ان الرجل بقي دافئ اللسان تجاه الاردن، وقال دوما كلاما ايجابيا تجاه البلد، ولم ينكر يوما انه مدين بحياته للاردن، الذي انقذه بعد محاولة اغتياله على يد الموساد.
حماس المسيطرة في غزة، ممتنة للاردن دوما، الذي يرسل مستشفياته الى القطاع، وكنا نرى اهالي غزة وحكومة حماس يستقبلون ويودعون المستشفيات وعسكرها بالورد والياسمين، في دلالة على الامتنان.
خالد مشعل خرج من الاردن في ظل ظروف معينة، واذا كان الاردن لا يريد عودة الرجل لممارسة نشاطاته السياسية هنا، فعلى الاقل علينا ان نسمح له بالدخول دوماً، مثلما نسمح لكل قيادات التنظيمات الفلسطينية اليسارية والقومية والوطنية بدخول الاردن.
لعل مشعل بلا خطر مقارنة بقيادات اخرى، واذ لا نقارنه برموز تشتغل مع الامن الاسرائيلي وتتلقى المال من جهات اجنبية، ونسمح لها بكل هذا الدلال في عمان، فاننا نطالب على الاقل بطوي صفحة الماضي مع الرجل وحركته.
حماس اكثر حرصا على مصالح الاردن، من غيرها، لان حماس ضد الوطن البديل وضد الصفقات، وضد تبديد حقوق اللاجئين، وضد كل المخاطر التي قد يأتي بها فريق اوسلو الذي نتحالف معه!.
لا بد من مراجعة ملف العلاقة مع حماس، بشكل او باخر، واذا كانت مؤسسة القرار لا تريد سقفا مرتفعا في العلاقات، فعلى الاقل السماح بتدفق عادي لرموز الحركة الى الاردن، فهم اكثر امانا للاردن، من بعض الاسماء التي تفيض بكل الخيانات وتصول وتجول هنا.
ثم ان لا احد قادرا على الحسم بشأن الوضع في الضفة الغربية وغزة، والى اين ستذهب الامور، ولا احد قادرا على قراءة وضع حماس في سورية، ولا احد قادرا ايضا على التنبؤ بالمستقبل، فلماذا نخسر علاقتنا مع حماس، مقابل مراهنات قد تودي بنا في اي لحظة؟!.
اللفتات الانسانية للاردن، ميزة يتفوق بها على من حوله وحواليه، وهذا البلد بسيط الامكانات له يد مروءة دوما في كل بلد عربي واسلامي، من شحن المساعدات الى الصومال مروراً بارسال الحجاج الافغان الى الحج، وصولا الى ما بين الاردن وفلسطين.
زيارة الرجل تؤكد انسانية القرار السياسي في الاردن، وهي ايضا فرصة للدعوة لمراجعة العلاقات مع حماس، حتى لو كانت احد الشروط المرغوبة وغير المعلنة فك الارتباط بين تيار الصقور في اخوان الاردن، وحماس، لان مصلحة الجميع فك هذه الالتباسات.
لا ننسى ابداً عشائر الكرك، وغيرها من عشائر التي جاءت لتعزي مشعل في والده، قبل سنين، وهو مشهد يقول لك ان ما بين الناس اعلى بكثير جدا، من كل اولئك الذي يهدرون الدم الواحد في العصب الواحد، بين اهل وابناء عائلة واحدة.
حماس اقرب استراتيجيا الى مصالح الاردن، لعل «زرقاء اليمامة» لدينا تسترد بصيرتها فتبصر وتُغيِّر وتُبِّدل!.(الدستور)