بين المنتج والمستهلك

الحكومات الأردنية منحازة لجانب المستهلك على حساب المنتج، وعندما قامت بتسعير المحروقات رفعت الأسعار على المنتجين وثبتتها على المستهلكين وهنا نستذكر سلوك الحكومة السـابقة عندما تجاوز سعر الخيار 70 قرشاً للكيلو في العام الماضي نتيجة لزيادة الطلب في الشهر الفضيل، تدخـل وزير الصناعة والتجارة في حينه، وقـرر بناء على تفويض من مجلس الوزراء منع تصدير الخيار لكي ينخفض سـعره إلى 50 قرشـاً للكيلو.
بعـد أقل من أسـبوع شـعر الوزير بأن سـعر الخيار أصبح مناسـباً، فقرر إعادة فتح باب التصدير، وهـدد بالعودة إلى منـع التصدير إذا ارتفع السـعر، بل أضاف أن أصنافاً أخرى كالبندورة مرشـحة لإجراءات مماثلة لإبقاء أسـعارها في متناول المستهلكين الكرام.
يؤخذ على هـذه القرارات أن الحكومة تعطـي الأولية للاستهلاك على الإنتاج، وتصغي إلى أصـوات المستهلكين العالية في المدينة وتتجاهل صرخات المنتجين في الأغـوار. وهذا سلوك غير منصف، يخالف مبادئ السوق الحر، وسياسـة دعم الإنتاج، خاصة وأن الخيار ليس سلعة استراتيجية.
التصدير عملية تتطلب الاسـتقرار والاستمرارية، فإذا كان الأردن يزود سـوقاً معينة بالخيار أو البندورة فلا يجـوز أن نمتنع عن التزويد أسبوعاً ونعـود إليه أسبوعاً، ففي هذه الحالة لا يستطيع المستورد أن يعتمد على مصدر غير مستقر، ومن حقه أن يتحول إلى مصدر آخر، ليس بانتظار استئناف التصدير بل بشـكل نهائي. خاصة وأن تركيا ومصادر أخرى جاهزة لملء الفراغ الذي يتركه انسحاب المصدّر الأردني.
في هذا المجال لا بد من وضع حد لتعليق المشكلة على مشجب الوسطاء، ويجب الاعتراف بدورهم الحيوي في مجالات أساسـية كالتمويل والتصنيف والتعبئة والنقل والتسويق، حيث أن المعدل العالمي المتعارف عليه أن حصة المنتج على باب المزرعة تعادل 35% من السعر الذي يدفعه المسـتهلك النهائي بالنسبة للخضراوات و65% بالنسبة للفواكه.
إغلاق باب التصدير، والتهديد بمنع التصدير، يمكن أن يـؤديا إلى إخراج المنتوجات الأردنية من أسـواق التصدير التقليدية، فهي لعبة خطرة، ليس لها مكان في اقتصاد حر كالاقتصاد الأردني، فالمصداقية فوق الشـعبية، أليس كذلك؟.(الرأي)