الإسلاميون والأسئلة الأربعة

تم نشره الأربعاء 05 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 02:45 صباحاً
الإسلاميون والأسئلة الأربعة
رحيّل غرايبة

ينبغي أن لا تملّ الحركات الإسلامية المعنيّة بالشأن والشأن العالمي, وتسعى للإصلاح والتغيير, من ديمومة الإجابة على مجمل الأسئلة التي يطرحها المتخوفون على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو العالمي, وذلك ببساطة أنّه تمّ ضخ مواد إعلامية كثيرة وخطيرة خلال العقود السابقة شوّهت صورة الإسلام بوجهٍ عام, وشوّهت صورة الإسلاميين بوجهٍ خاص, وتعاضد الإعلام الخارجي والإعلام العربي الرسمي على القيام بهذه المهمّة, وعندما نعلم أنّ الآلة الإعلامية الغربية والعربية ضخمة وتستهلك أموالاً طائلة, لا حصر لها ولا عدّ, من أجل غسل أدمغة الأجيال القادمة وحشوها بمواد تخضع لتخطيط نفسي وسياسي مقصود ومرتب.

وإذا علمنا أنّ قدرة الحركات الإسلامية على توضيح نفسها ومبادئها ومنهاجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي, سوف تبقى محدودة بالمقارنة مع الإعلام العالمي, ممّا يحتّم عليها مضاعفة الجهد في بيان الصورة وتوضيحها بأسلوب علمي موضوعي هادئ, يميل إلى الحجّة والحوار بالتي هي أحسن, بعيداً عن النزق والانفعال.

السؤال الأول المتعلق بالدولة المدنية في الفكر الإسلامي, ومصطلح الدولة المدنية هو ما يقابل عادةً الدولة البوليسية أو العسكرية, وربما أيضاً الدينية, ويقصد بالدولة الدينية هي الدولة التي تخضع للحكم (الثيوقراطي) أي أنّ الحاكم يقيم الحكم نيابةً عن الله, فلا رقابة ولا محاسبة ولا نقد ولا جدال ولا حوار ولا نقاش, ولا اعتراض على حكم الله.

وهنا ينبغي التوضيح بالفم الملآن, أنّه لا وجود للحكم الديني في الفكر السياسي الإسلامي. فالدولة في الإسلام تقوم على حكم الشعب, بمعنى أنّ الشعب يختار الحاكم, والشعب يراقب الحاكم ويقوّمه, والشعب يعزل الحاكم عندما يستحق العزل, وهذا قول عامة الفقهاء والعلماء, وهو محل إجماع أهل السنة والمعتزلة والمرجئة والقدرية وكل فرق الخوارج, أي أنّ المسلمين على اختلاف فرقهم وألوانهم ومذاهبهم مجمعون على قاعدة أنّ الحكم ملك لعامة الشعب اختياراً ومراقبةً وعزلاً, ممّا يؤكد أنّ (الدولة في الإسلام) بطبيعتها مدنية, ولا يأتي ذلك من باب تملق الغرب أو الشرق; لأنّ الفكر الإسلامي هو الذي نقل البشرية نحو هذا الأفق من إدارة الدولة, وأنّ الدولة ليست ملكاً لأحد أو عائلة أو عشيرة أو فئة أو فرقة أو مذهب أو تجمّع أو تحالف.

السؤال الثاني يتعلق بالحريّات العامة, وهنا ينبغي التأكيد على أنّ الإسلام جاء ليحررّ الناس منذ اللحظة الأولى, يحررهم من العبودية للأشخاص, يحررهم من العبودية للمال, ويحررهم من العبودية للشهوات, ويحررهم من الخوف والظلم والاستبداد, وأنّ الإنسان يولد حرّاً, ليبقى حرّاً, ويموت حراً, وأنّ الحريّة مقدمة على الطعام والشراب, وأنّ الحريّة أساس التدين والتعبد, فلا دين إلا بحريّة تامّة, ولا عبودية لله إلاّ بحريّة تامّة, والإسلام هو الذي نقل البشرية إلى أفق الحريّة الرحب الواسع, وهو الذي علم بقية الأمم المطالبة بالحريّة.

يقول (ربعي بن عامر) ذلك الجندي في جيش سعد بن أبي وقاص المتوجه إلى امبراطورية فارس (لقد ابتعثنا الله لنحرر الناس من العبودية لغير الله, ونخرج الناس من ظلم الأديان إلى عدل الإسلام, ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة).

والسؤال الثالث يتعلق بالحريات الشخصية والحقوق الفردية, وهنا ينبغي أن يعرف القاصي والداني, أنّه (لا إكراه في الدين), ولا يجوز الإكراه في المعتقد في الفكر, ليس هذا فقط, بل يجب على الحاكم في الإسلام أن يوفر الحماية لممارسة الشعائر والطقوس الدينية للمخالفين في الدين, ويجب عليه حراسة معابدهم وكنائسهم وصلواتهم وصُلبهم.

وإذا كان هذا بأمر القرآن الذي لا نسخ له ولا مناقض ولا معارض فمن باب أولى تمتع الناس بكلّ حرياتهم الشخصية وحقوقهم الفردية في مجال التنقل والحياة, والعمل والتملك والفكر والرأي واللباس والعادات والأعراف والزواج والعلاقات الاجتماعية.

ومن الظلم أن يتم تشويه صورة السلطة في الإسلام, أنّها سلطة ظالمة وقامعة ومتعسفة وغير عادلة, فالإسلام جاء ليضع الميزان بالعدل والقسط الذي قامت عليه السموات والأرض, وكل من يقول بعكس ذلك فإمّا أن يكون متحاملاً أو جاهلاً.

والسؤال الرابع يتعلق بالعلاقات مع المجتمع الدولي, فالقرآن وضع أهم أسس القانون الدولي العام, القائمة على مجموعة أسس كريمة ونبيلة أولها التقارب بين الحضارات والثقافات, ثمّ التعاون بين الأمم والشعوب على الخير والبر, وإرساء قواعد السلم العالمي العادل, ونبذ العدوان, والدعوة إلى إنشاء علاقات سلمية متكافئة تقوم على حق الحياة وحق المشاركة في هذه الدنيا على أسس العدل, والمساواة, ومحاربة التمييز القائم على اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. وهذه من بديهيات الإسلام وليست آراء شخصية أو فردية.(العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات