من أين يأتي النمو؟

إذا صح أن عجـز الميزان التجاري في ارتفاع كما تبيـن دائرة الإحصاءات العامة ، والدخل السياحي في تراجع كما تؤكـد معلومات وزارة السياحـة ، وحوالات المغتربين في انخفاض كما تشـير تقارير البنك المركزي ، وكميات الإنتاج الصناعي أقل مما كانت في العام الماضي كما أظهرت الإحصاءات الرسمية ، والقروض المصرفية المتعثرة في ازدياد كما أعلـن محافظ البنك المركزي ، والاعتصامات والمسيرات مستمرة حتى إشعار آخـر كما تدل المواقع الإلكترونيـة ، فمن أين يأتي النمو الاقتصادي بنسـبة 3% هذه السنة ، أو بأي نسبة أخرى.
سيكون إنجازاً إذا لم يحـدث جمود أو تراجع في الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة ، وإنجازاً أكبر إذا تحقق نمو إيجابي مهما كانت نسبته ، وسنحاول عندئذ أن نبحث عن مصادر هذا النمو التي أسـهمت في تحقيقه.
هـذه السنة صعبة كما كان متوقعـاً ، فهل نلـوم الحكومة أم الظروف غير المواتية؟ هناك اتجاه لتوجيه إصبع الاتهام إلى الفريق الاقتصـادي الذي يبدو وكأنه غير منسـجم وغير فاعل ، وربما لا يملك تشـخيصاً للمشكلة أو خطة عمل لمواجهتهـا. لكن هـذا قد يكون حكماً ظالماً إذا لم تؤخذ الظـروف العامة محلياً وإقليمياً وعالمياً بالحسبان ، ذلك أن بلـدان الربيع العربي معرضة جميعاً للنمو الاقتصادي السالب إلى مستويات مؤلمـة.
هل هناك إجـراءات معينة تستطيع الحكومة أن تقـوم بها لتغيير اتجاه المؤشرات السـلبية التي ذكرناها ، مثل تحفيـز الصادرات لتخفيض العجـز التجاري ، وترويج السياحة العربية لتعويض الانخفاض المؤقت للسياحة الأوروبية ، وتعزيز ثقـة المغتربين لزيادة تحويلاتهـم ، وحل مشكلة الصناعات التحويلية المصابة بالجمود منذ سـنتين على الأقل ، وأخيراً كيف يمكن إقناع الحـراك الشـعبي بإعطاء فرصة كافية لتنفيـذ وجبة الإصلاحات الرئيسية التي تمر الآن من مراحلها الدستورية ، بحيث يطمئن المستثمر المحلي والعربي إلى أن البلد مستقر سياسياً واجتماعياً وأمنياً وتزول حالة عـدم التيقن والانتظـار.
الفريق الاقتصادي يستطيع أن يشعرنا بفعاليته وخططه وقراراته وإنجازاته بأكثر من التصريح شـبه اليومي الذي يصدره وزير واحـد في ظل صمت الآخرين ، الذين لا نعرف ما إذا كانوا قد اختـاروا أن يعملـوا بصمت ويتركوا النتائج تتكلـم ، أم أنه ليس لديهم ما يقولونـه.(الرأي)