طلب مالا من الملك فلم يدفع

هناك أسماء لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ممن يثيرون الناس هذه الايام، ويحثونهم على اشهار الغضب، ولهؤلاء حكايات، ُموّثقة ومعروفة.
لدي قصص لخمسة اسماء، كلها شخصية، والمؤسف انهم يمتطون الحراكات الشعبية الطاهرة، ويريدون اختطافها من اجل الحصول على مطامعهم الشخصية، والناس اذكياء، وعليهم طرد هذا «السواد» من فضتهم النقية.
هؤلاء دخلوا على خط الحراكات، مؤخراً، حتى ُنحدّد ولا نأخذ الرموز المحترمة، بذريعة التأشير على اسماء معينة، اذ ان للتعميم هنا بدلا من «التخصيص» كلفته المؤلمة، التي لا مفر منها، حتى لا نقع في فخ الاسماء وبطاناتها التي تثأر لانحرافها.
احد هؤلاء طلب مئات الاف الدنانير من الملك لانه غارق في الديون، فلم يتم الدفع له، فأثار العواصف في كل مكان، وامتطى سرج حراك محدد في احدى المحافظات.
أحدهم يضغط عليه الذين يبيعونه «الويسكي» بالدين من اجل سداد فواتيره التي تجاوزت سبعة الاف دينار، واذ لا يجد مالا قرر ان يدخل على خط الحراكات مؤخراً، لعل الدولة ترسل له الثلج والمزة واثمان مشروباته، والجارية ايضاً، وهو ذاته ملاحق بقضايا مالية اخرى.
هذه مهازل، ان يقبل الحراك الشعبي النظيف والمحترم، ان يمتطي سرجه بعض هؤلاء، مؤخراً، ممن يريدون مطالب شخصية، وهنا لا بد من التذكير ان هذا الكلام لا يأتي لتعهير الحراكات او مس رموزها النظيفة، بأسلوب يتطاول على ذكاء الناس، لكننا نتحدث عن اسماء محددة.
مشكلة الدولة الاردنية انها مارست نمطاً معيناً طوال عقود، فالذي يرفع السلاح على الدولة يأتي وزيراً، والذي يغضب يتم الدفع له، والذي ُيبرق شاتماً يتم استرضاؤه، وهكذا لدينا قائمة طويلة من الاسماء التي نقلت البندقية من كتف الى أخرى ساعة استرضاء.
هكذا اذاً من حق هؤلاء ان ُيجرّبوا حظهم، لان غيرهم جرّب الغضب، وهز اليه جذع نخلته الوطنية، فتساقط عليه رطباً جنياً.
الحراكات الشعبية تعبر عن غضب شعبي لا يمكن مس بواطنه او دوافعه او شخوصه، لكننا ندعو الحراكات الشعبية الى التطهر من الرموز الفاسدة، التي تريد امتطاء الموجة، والتي ُتصفي الحسابات وتعبر عن حرد شخصي، وهي رموز استجدت على المشهد.
هذا ليس تذاكياً على الناس، اذ سيخرج من يقول انني عبر الاتهام المبني للمجهول اريد شق صفوف الحراكات، واثارة الشكوك بين الجسم الشعبي والرموز، واريد تشويه سمعة الحراكات او بعض رموزها.
كل هذا ُظلم في ُظلم، لاننا ننبه فقط الى العناصر الفاسدة التي تسللت الى الحراكات مؤخراً، واحدهم بعبقريته يواجه قضايا شيكات، فأرسل اناساً من جماعته لحرق ملفاته في محكمة ما في احدى المحافظات خلال احدى المسيرات، حتى يلتبس الحق بالباطل.
آخرون لديهم مطالب مالية، واعرف مواطناً ضغط على احد رموز الحراكات النظيفين من اجل ان يتوسط له، عند مسؤول كبير، حتى يأتي مديراً لصندوق المعونة الوطنية، واذ اعتذر، اخرج مسيرة وحده، ُمعلناً غضبه على العالم.
ما نحذر منه، ليس الحراك بقدر تسلل قلة من الفاسدين الى الحراكات، وكثرة لا تعرف لماذا يغضب فلان وتظنه يغضب لقضية عامة، والدولة تعرف لماذا شبت «الحمية» المفاجئة في عروق هذا او ذاك، لان الشهود والتوثيقات تقول انه يريد الصرة باعتباره الغلام!؟.
الحراكات عليها ان ُتطّّهر وجدانها من ثلة فاسدة لها مطامعها الشخصية وتبحث عن ادوار، حتى لا يركب هؤلاء على اكتاف الناس، ويبيعونهم من اجل حفنة دنانير او وظيفة، وعندها سيكتشف شعبنا النبيل انهم كانوا وسيلة فقط لتمرير مصالح هؤلاء.
اهلنا بنقاء معدنهم، وهذه المعاناة الحياتية الشديدة، ومطالبهم الحقة بمحاربة الفساد، وتطبيق العدالة، وانقاذ البلد، يفرضون علينا كصلاة الفجر ان نكون معهم، ولا يحق لنا الطعن في نياتهم، لكننا نقول افتحوا عيونكم جيداً على رموز مستجدة، على التجارة والسياسة معاً!.
طلبوا من الملك مالا فلم يدفع، وآخرون يريدون مواقع عليا، وثلة ثالثة تريد ان تتطهر من تاريخها على الحساب العام، فأي رموز مثل هؤلاء نسكت عليهم، بدلا من ترك الحراكات لرموزها الشعبية النظيفة التي نؤمن بها ونحميها بعيوننا ايضا.
رموز الحراكات الشعبية النظيفون، عليهم ان لاي قبلوا هذا التسلل، حتى لا ُيصدموا لاحقاً، بأن «هدف» حياتهم الوحيد كان «تسللا» من «مدرجات الجمهور» الى «المرمى»! (الدستور)