حماس تفوز في الكنيست
سواء عاد حزب \"كديما\" بقيادة تسيبي ليفني الى الحكم أو تسلم \"ليكود\" بزعامة بنيامين نتانياهو السلطة في اسرائيل، فإن سياسات الدولة العبرية الداخلية والخارجية تبدو محكومة لسنوات طويلة بشعارات التشدد قولاً وفعلاً، بعدما أصبح حزب اليمين المتطرف \"اسرائيل بيتنا\" القوة الثالثة، متفوقاً على \"العمل\" الذي كان منذ انشاء اسرائيل قبل ستين عاماً، الحزب شبه المهيمن على الحياة السياسية فيها، ولو على تقطع.
الضحية الاولى لانتصار اليمين في اسرائيل ستكون بالتأكيد عملية السلام مع الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً. ذلك ان رئيس الحكومة الائتلافية المقبل سيكون مضطراً لمراعاة شركائه، لا سيما افيغدور ليبرمان الذي بنى حملته الانتخابية على العداء لعرب اسرائيل والدعوة الى طردهم، ويمكن تخيل ما سيكون عليه موقفه من المفاوضات مع السلطة الوطنية او في التعامل مع حركة \"حماس\" في قطاع غزة، اذا بات شريكاً رئيسياً في الحكومة، وهو الأمر المرجح.
اما \"الفائز\" غير المعلن في انتخابات الكنيست فهو بالتأكيد \"حماس\" التي تخوض حربين في وقت واحد، أولاهما مع اسرائيل التي لا تفرق بين \"يمينها\" و \"يسارها\" طالما انهما يتنافسان في العدوان على غزة مع تباين بسيط في التشدد العسكري والسياسي، والاخرى مع منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالسلطة الوطنية في رام الله التي تعتبرها \"مستسلمة\" و \"انهزامية\" وتريد ايجاد مرجعية بديلة منها.
الآن ستقول \"حماس\" بالفم الملآن انها كانت \"على حق\" عندما قالت ان احزاب اسرائيل كلها في كفة واحدة، وان الاسرائيليين لا يرغبون في السلام، وان التفاوض معهم لا يجدي لأنهم لا يفهمون سوى لغة القوة. وستسعى الى استخدام التشدد الاسرائيلي لتأكيد أحقيتها في قيادة الفلسطينيين في \"معركتهم المقبلة\" التي بشّر بها خامنئي عندما استقبل خالد مشعل في طهران وهنأه على \"النصر\" في غزة ، وهذا يعني في افضل الاحوال ان المصالحة الوطنية الفلسطينية باتت أبعد من ذي قبل.
وبالتأكيد فإن حرب غزة التي عملت ايران والحركة سوياً من أجلها \"لتجديد انتصار تموز\" اللبناني، ساهمت في تجييش مشاعر الاسرائيليين، وسهلت قبولهم بشعارات التشدد والتطرف، لا سيما الاجيال الشابة منهم، فذهبوا الى صناديق الاقتراع وهاجس الامن يطغى عليهم بعدما صور لهم المتطرفون ان صواريخ \"حماس\" تهدد وجودهم نفسه.
ولا بد هنا من القول ان اللعبة المزدوجة التي قام بها حزب \"العمل\" ممثلا بزعيمه وزير الدفاع ايهود باراك في العدوان على غزة، انقلبت عليه، وبدلاً من ان يحصد هو في صناديق الاقتراع نتائج استعادته \"هيبة الردع\" الاسرائيلية ونجاحه في شن حرب بعيدة من التسريبات والاعلام مستفيداً من توصيات \"لجنة فينوغراد\"، استغل اليمين المتشدد الحرب لتعبئة الاسرائيليين واللعب على هاجس خوفهم وتغليب الهم الأمني على السياسة.
لكن \"انقلاب\" الاسرائيليين نحو معسكر التطرف، رغم انه يذهب في غير اتجاه الراعي الاميركي الكبير الذي وعدت ادارته الجديدة بالعمل الجدي من اجل انعاش مسيرة السلام في الشرق الاوسط وباشرت مساعيها الديبلوماسية لإعادة رسم خريطة القواسم المشتركة بين مختلف الاطراف تمهيداً لاستئناف وساطتها، فإنه قد يدخل ايضاً في اطار استعداد اسرائيل للتفاوض بشروط أفضل ، فهل تنجح واشنطن في إبقاء عملية السلام حية؟
العربية . نت