بطاقة ذكية لدعم المستحقين

بعد نقاشات مطولة وتأجيل متكـرر ، وصلت لجنة الحوار الاقتصادي إلى توصية محـددة باستعمال البطاقـة الذكية لإيصال الدعم إلى المسـتحقين ، مما يوفـر على الخزينة مئات الملايين من الدنانير ، ويحقـق العدالة والإنصاف ، فيذهب الدعـم لمن يحتاجه ويسـتحقه ، وليس لمن يسـتهلك أكثر لأنه أقدر على الشراء لارتفاع دخله.
هل سـتأخذ الحكومة بهذا الحل أم يتم تطنيش اللجنة التي كانت الحكومة قد التزمت باحترام توصياتهـا ، خاصة وأنها هي التي شـكلتها ، واختارت أعضاءها ، وطلبت منها أن تأتي بحلول للتحديات الاقتصاديـة التي تواجه الأردن في المرحلة الراهنة.
الحكومة أو غالبيـة أعضائها تذمروا من اسـتمرار الدعم الاستهلاكي الذي يكلف مئات الملايين من الدنانير ، ويصل 75% منه لمن لا يحتاجونه ولا يسـتحقونه. ومع ذلك فإن الحكومة ، لاعتبارات سياسـية ، لم تأخذ القرار.
تشـكيل لجنة موسـعة للحوار الاقتصادي يوفـر لقرار الحكومة غطاءً سياسياً وإعلامياً ، فالاعتراضات ، إن وجدت ، يجب أن توجه إلى عشرات الخبراء والاقتصاديين الذين تقدمـوا بالتوصية.
مع ذلك فإن كثيرين يشـكون في أخذ الحكومة بالتوصية ، فهي لا تريد أن تأخذ المخاطـرة وتحرك المياه الراكـدة ، وهناك شـعارات يتم إعدادهـا سـلفاً حول السـحق المزعوم للفقـراء وحرمانهم من الخبز ، ووصف البطاقة بأنها غبية ، حتى لو كان الفقراء هم المستفيدون من الترتيب المقترح ومحميون من منافسـة الأغنياء.
الذين سيرفعون أصواتهـم بالاعتراض ليسـوا فقراء بل سياسيون يتاجرون بالفقر ، وهم يوظفون الشعارات البراقـة لتحقيق أغراضهم.
الحكومة من جانبها سـوف لا ترفض التوصية بشـكل مباشـر وعلني ، ولكنها تستطيع إذا شاءت أن تتباطأ في إعداد البطاقـة الذكية شـهوراً طويلة ، حتى ينسى الناس الموضوع ، ويمـل كثيرون من إحالـة القضايا الساخنة إلى لجان متخصصة تسـتثمر الوقت والجهد لإعـداد توصيات توضع على الرف.
الدول المصدرة للبترول تسـتطيع أن تقيم دولـة رفاهية ، وأن تدعـم المحروقات والكهرباء والماء والأعلاف والمـواد الغذائية والتعليم والصحـة ، فهذا الدعم يمثل أسـلوباً لتوزيع الثروة النفطية المتوفرة.
أما الأردن كبلد محـدود الموارد ، فليس بوسعه أن يقـدم نفسـه كدولة رفاهية. والدعم المكثف الذي يقدمـه للمستهلك ممول بالكامل من المديونية التي سيكون على الشـعب دفع ثمنها مستقبلاً.(الرأي)