عالم للأغنياء وعالم للفقراء

يقال لنا دائماً أن العولمة حولت العالم إلى قرية واحـدة، فلم تبق أجزاء معزولة أو تتمتع بالحصانة ضد رياح التغييـر، ولكن الحقيقة المرة خلاف ذلك، فمنافع العولمة ليست موزعة بعدالـة على الجميع، وعالم اليوم عالمان، واحد للأغنياء وواحد للفقراء.
شركة جنرال موتورز تصنع السـيارات في أميركا والمكسـيك والصين والهنـد، ولذلك تمثل نموذجـاً حياً للعولمة على مستوى الصناعة ولكن ماذا عن مستوى العاملين؟ تقول الشركة أن كلفة الساعة من العمل المتشابه على خط إنتاج السيارات تبلغ 55 دولاراً في أميركا، سبعة دولارات في المكسيك، 5ر4 دولار في الصين، ودولار واحـد في الهند.
عاملان يقومان بنفس العمل، ولكن أحدهما يقبض 55 ضعف ما يقبضه الآخر. صحيح أن إنتاجية العامل الأميركي قد تكون أعلى من إنتاجية العامل الهندي، ولكن الفرق في الرواتب شاسـع وأكثر من كاف لتعويض الفـرق.
الاقتصاد العالمي ليس اقتصاد قرية واحدة، ففيه اقتصادات غنية وأخرى فقيرة، صاعدة وأخرى هابطة. وحتى اقتصادات الدول الصناعية المتقدمة تذهب في اتجاهات مختلفة:
في أميركا ارتفعت نسبة البطالـة من 6ر4% في عـام 2007 إلى 9% في عام 2011، أما في ألمانيا فقد انخفضت نسـبة البطالـة في الفترة ذاتها من 5ر8% إلى 1ر7%.
في أميركا يتحدثون عن الركـود والتراجع وانخفاض نسـبة النمو وتآكل التنافسية. وفي ألمانيـا يتم بصمت رواج اقتصادي ونمو سـريع وتحسـن في التنافسية لدرجة جعلت ألمانيا ثاني أكبر مصدر للبضاعة في العالـم بعد الصين.
من يصدق أن أميركا خرجت من الحرب العالمية الثانية منتصرة وأقوى قـوة في العالم، وخرجت من الحرب الباردة باعتبارها القطب الأوحد في عالم اليوم، في حين أن ألمانيا خرجت من الحرب مدمرة، بعد أن تم اقتطاع أجـزاء من أراضيها لصالح فرنسا وتشيكوسلوفاكيا وروسـيا وبولندا، كما قام الحلفاء بتقسيمها إلى دولتين ونظاميـن.
لماذا يأفل نجـم دولة ويبزغ نجم دولـة أخرى؟ الظروف العامة مهمة ولكنها ليسـت كل شيء، فهناك الحكـم الجيد والإرادة القويـة التي تسـتطيع تحقيق المعجزة بالرغم من الظروف الصعبـة.(الرأي)