هل وقعنا في فخ؟

تم نشره الإثنين 17 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 10:55 مساءً
هل وقعنا في فخ؟
فهمي هويدي

هل وقعنا في فخ نصب لنا؟
وهل تصبح موقعة ماسبيرو لغزا يضاف إلى قائمة الوقائع التي صدمتنا أثناء ثورة 25 يناير ولم نعرف لها مصدرا حتى الآن، مثل القناصة الذين كدنا نقتنع بأنهم هبطوا من السماء، والأمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذي لا يزال شبحا معدوم الهوية.

لقد قيل لنا إن المسلمين هدموا كنيسة في قرية الماريناب بمحافظة أسوان وأجبروا الأقباط على إنزال الصليب من فوقها، وإن جموع المسلمين شرعوا في هدم بقية كنائس المحافظة، وذاعت الأخبار بسرعة البرق في أرجاء مصر وخارجها، الأمر الذي وتر أجواء البلد وأثار الأقباط، ودفعهم إلى الإعلان عن خروج مسيرة احتجاجية لتوصيل رسالة الغضب إلى مقر التلفزيون في ماسبيرو. وهي المسيرة السلمية التي انطلقت بعد ظهر الأحد 9/10، وانتهت بالفاجعة التي تحدثت بها الركبان، وأدت إلى قتل 25 مواطنا وإصابة أكثر من مائتين. كما أنها أحدثت جرحا عميقا وداميا في الوجدان المصري، وأصابت بالتصدع علاقة الجيش بالمجتمع والأقباط بوجه أخص. ولا تزال تداعيات الحدث وأصداؤه تترى إلى الآن. كما أن جهود المجلس العسكري لاحتواء الأزمة واسترضاء الغاضبين وترطيب جوانحهم تتجلى يوما بعد يوم.

لاحقا، بعدما وقعت الفأس في الرأس، بدا أن الأمر في الماريناب مختلف عما صور لنا في القاهرة، وأن المشكلة لم تكن هناك، لكنها كانت هنا في العاصمة. إن شئت الدقة فقل إن المسألة كانت «حبة» في الماريناب لكنها تحولت ليس فقط إلى «قبة» في القاهرة، وإنما صارت قنبلة مدوية وشديدة الانفجار.

في 13/10 نشرت صحيفة الوفد كلاما على لسان أسقف أسوان، الأنبا هيدرا، نقلا عن مقطع فيديو بثته قناة «الكرامة» التلفزيونية القبطية، مما قاله الأنبا هيدرا إن الكنيسة المشار إليها كانت في الأساس عبارة عن بيت قديم مملوك لواحد من الأقباط، تعارف المسيحيون من أهالي القرية على أن يؤدوا فيه صلواتهم وشعائرهم.
وبعدما أصبح المبنى متهالكا وآيلا للسقوط، فإن كاهن الكنيسة القمص مكاريوس استغل علاقاته الطيبة بجهاز الإدارة واستخرج رخصة بإحلال وتجديد المكان لتقوم مكانه كنيسة مار جرجس.
 أزال القمص مكاريوس المبنى القديم وشرع في إقامة المبنى الجديد، لكنه تجاوز الارتفاعات المقررة، وحينئذ تدخلت الإدارة الهندسية وطلبت منه إزالة الارتفاع غير القانوني، ولم يطلب منه أحد إزالة الكنيسة.

ذكر أسقف أسوان أيضا أن أناسا من خارج القرية جاءوا لزيارة أقاربهم فيها أثناء عيد الفطر واستغربوا وجود الكنيسة التي لم يروها من قبل، وبدأوا في إثارة الأهالي من المسلمين. لكن قوات الأمن استطاعت تهدئة الموقف بحيث لم يتمكن أحد من المساس بمبنى الكنيسة، وكل ما حدث أنه في أعقاب ذلك طلبت الإدارة الهندسية إزالة الارتفاعات غير القانونية. وظل المبنى الأساسي كما هو.
يوم السبت الماضي 15/10 أجرت صحيفة أخبار اليوم استطلاعا حول الموضوع، تضمن حوارا مع محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد.
لم تختلف المعلومات المنشورة في جوهرها عما قاله الأنبا هيدرا. ولكن المحافظ أضاف بعض التفاصيل التي منها أن القرية يعيش فيها 40 أسرة قبطية وسط 50 ألف مسلم.
 
منها أيضا أن راعي الكنيسة حين تجاوز الارتفاع القانوني المصرح به. فإنه بنا أربع قباب على المنزل الذي ظل يوصف بأنه «مضيفة»، وعندما أثار ذلك انتباه الأهالي فإن الرجل تفهم الموقف وهدم ثلاثا منها.
ولكن بعض الشبان ارتكبوا خطأ حين قاموا بهدم القبة الرابعة. وحدث اشتباك مع الأقباط جراء ذلك، أحرقت فيه بعض إطارات الكاوتشوك، في حين لم تحدث أي أضرار بالمبنى. ولكن تمت السيطرة على الموقف بسرعة، وتم إلقاء القبض على ثمانية من الشبان المسلمين وستة من الأقباط، وأحيل الجميع إلى النيابة العامة التي أطلقت سراحهم بعد التحقيق معهم. وقد عاد الهدوء إلى القرية، لكن الحدث استغل إعلاميا وتم توظيفه في القاهرة على النحو المأساوي الذي شهده الجميع.

إذا صحت هذه المعلومات فهي تشككنا في دوافع استثمار الحدث لإطلاق تظاهرة القاهرة، مع إقرارنا بخطأ إقدام الشباب المسلم في الماريناب على هدم القبة الرابعة التي أقيمت بالمخالفة للقانون. الأمر الذي يثير أسئلة كثيرة حول مختلف التداعيات التي حدثت بعد ذلك. وكان كل منها أسوأ من الآخر.
 
إذ بعدما تحولت الحبة إلى قبة وصارت القبة قنبلة انفجرت في وجوه الجميع، فإنها أصابتنا جميعا بتشوهات حاصرتنا في الحدث وحجبت عنا رؤية المستقبل. فنسينا شعار الفقراء أولا، وصارت كل المنابر الإعلامية تهتف: قانون العبادة الموحد أولا! (الشرق القطريه)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات