وقت قصير ومهمات كبيرة

الحكومة التي سيشكلها الدكتور عون الخصاونة تتميز عن غيرها من الحكومات الأردنيـة بكونها تعرف سـلفاً المدى الزمني المتاح لها ، وهـو سنة واحـدة ، فالمفروض أن تحل مجلس النواب وتسـتقيل في مثل هذا الوقـت من العام القادم.
المدى الزمني لهذه الحكومـة قصير ولكن المهمات كبيرة ، ليس فقط في مجال الإصلاحات السياسية وإعداد التشريعات القانونية التي جاءت كعناوين لمهمة هـذه الحكومة ، بل أيضا في مجال اسـترداد هيبة الدولـة والثقـة بها ، وبالتالي جعل الحراك يعطيها الفرصة للتحرك بدون إعاقـة أو إرباك.
ليس في الأردن مخـزون كبير من رجال الدولة المتمرسين بالحكم الذين يملك كل واحد منهم سـجلاً طويلاً من الإنجازات في ميادين اختصاصه ، ولذا فإن مهمة الرئيس المكلف في اختيار زملائـه الوزراء مهمة صعبة ، ومهما أحسن الاختيار فإنه سـيجد معلقـاً يعبـّر عن خيبة الأمل ، وكأنه كان يتوقـع فريقـاً من العباقرة المرشحين لجائزة نوبل.
رئيس الحكومة يبقى عنوان الحكومة ، فالوزراء في بلدنا لا يعارضون الرئيس ، ولا ينفـردون في قرارات جوهرية دون أخـذ موافقته المسبقة ، وبالتالي فهـذه حكومة عون الخصاونة بصرف النظر عن فريقه الوزاري.
مع ذلك فإن الرئيـس المكلف بحاجـة لفريق اقتصـادي قـوي ، لإدارة الاقتصاد الوطني والمالية العامة ، وليضع حـداً للانفلات الذي عبـّر عن نفسـه باتسـاع العجز المالي وتضخم المديونيـة لدرجة دفعت مؤسسـات دولية تتابع الشـأن الأردني لأن توصي بتعديل المسار لإبقـاء المديونية ضمن مسـتويات آمنـة بعد أن تجاوزت السـقف القانوني.
في مناخ الربيع العربي وتداعياتـه المحلية ، كانت السياسة الحكومية هي الاسترضاء والاستجابة للابتـزاز ، مما يعني تضخيم وترحيل المشاكل وزيادة حدة التحديات ، فالمعتصمون ينتهزون الفرصة للمطالبة بمكاسـب خاصة على حساب المال العام ، وقد تحـول التعبير الديمقراطي عن الرأي في بعض الحالات إلى قطع الطرق وإلحـاق الأذى بالمصالح العامـة.
مهمات الحكومة الجديدة صعبة ولكنها ليست مستحيلة ، فالعيوب معروفة ، والحلول صعبة ولكنها معروفـة ، صحيح أن الوقت قصير والظروف غير مواتية ، ولكن رئيس الحكومة يتمتـع بدعـم ملكـي وشـعبي ، وهو ينطلق برأسـمال سياسـي وأخلاقي كبير ، يستطيع أن يوظفه -حتى لو استهلكه- في تصويب الاعوجاج وإعادة الأمور إلى نصابها. (الرأي)