من البحر الميت الملك يدق بوابات المستقبل!

حدد الملك عبدالله الثاني في كلمته امس الاول امام الملتقى الاقتصادي العالمي البوابات التي تقف امامها المنطقة،وطالب بدقها والعبور منها نحو الافاق الرحبة التي يتشارك بها العالم المتقدم امام البوابات الاربع التي سماها الملك، يقف الاردنيون شبابا وشابات.. نساء ورجال متعلمين مميزين، ومتعلمين بلا تميّز كل ينظر ويرجو يحمل العزيمة والارادة ويتسلح بامكانية العبور دون تعثر فهذه الابواب تفتح اذا ما عقد شعبنا العزم على الاستفادة من الواقع القائم واخذ افضل ما فيه والتحرك بوعي عبر الربيع العربي الذي يجتاح المنطقة..
ما هي هذه البوابات التي سمّاها الملك والتي اصبح عبورها ضروريا ضرورة حمل التأشيرة على جواز السفر لعبور الحدود ؟
البوابة الاولى هي بوابة الكرامة..اذ ان شعوبنا التي ادمى معصمها الاستعمار وعاشت العوز والقمع والتهميش تستشعر الكرامة وتتنسمها الان وهي تندفع باتجاه عبور بوابتها الى حيث الحقوق بلا استثناءات..
اما البوابة الثانية فهي بوابة الفرص فلو ان الفرص انعدمت موضوعيا فإن اليأس والاحباط هو البديل ولذا على متخذ القرار وصاحب الامر ان يعمل لتكون الفرص متوفرة وتزداد توفراً اذا ما اخلص المنوط بهم العمل لتوسيع مداخل هذه البوابة واثرائها ومنع تضييقها او احتكار عبورها لطرف دون آخر ولعل ميزة المجتمعات الغربية الحديثة وخاصة تلك التي كانت تجذب المهاجرين اليها انها بلاد فرص يستطيع كل صاحب ارادة وعزم ان يعبر عن ذلك فيها والوطن الذي يفقد ابناؤه فرصهم في التعبير عن ذاتهم يصبح صغيراً محتقناً ممزقاً بالانقسامات ورفض الآخر والتعدي على حقوقه.. الفرص منوعة ولكن ابرزها الاقتصادية للملايين الطالعة الى سوق العمل والمتدفقة من الجامعات والذين يبحثون عن اجابات لاسئلتهم..فما العمل؟..
نحن جزء من محيط عربي.. فيه (30) مليون عاطل عن العمل ممن يستطيعون ويمتلكون القدرة والكفاءة في حين تُشغل دول الخليج (15) مليون عامل اجنبي وافد أكثرهم من جنوب شرق آسيا فأين الفرص التي يمكن أن تتوفر للعرب ان لم يكن التكامل قائماً ليسبق هذا الشكل من التعاون كل الاشكال الأخرى على أهميتها..
أما البوابة الثالثة التي أشار اليها الملك واراد ولوجها والعمل على تعميق السير وتأصيله فيها فهي بوابة الديموقراطية التي لا يجوز ان تكون ديكوراً أو رسماً على حائط او شعارات يجري الغناء بها أو حتى بنية سياسية في التشريعات فقط وانما لا بد ان تصبح أسلوب حياة وممارسة يجري العيش فيه..فالديموقراطية هي اسلوب لاعادة انتاج حي لسلوكيات ايجابية بناءة في مختلف الميادين وهي المدخل للاصلاح الحقيقي الذي لا يكون بدونها ولا يتطور الا بأساليبها وهي صيغة تشريعية وقيمية لها آليات وأدوات واطارات وبرامج وأحزاب وحزبيون ديموقراطيون والا بقينا نتحدث عن الشيء ولا نقصده..أما البوابة الرابعة مما سمى الملك أو طالب بعبوره فهي بوابة السلام والعدل وهذه البوابة واستغلاقها على مستوى المنطقة والشعوب وحتى الافراد جلب الكوارث ودمر المؤسسات والتنمية فلا تنمية بدون سلام وفي ظل حروب أو رفض للآخر وايضاً لا حياة حرة بدون عدالة فالعدل أساس الحكم أو اساس الملك وهو جوهر الأديان ودعواها وليس الطقوس والعبادات فقط والعدل أهم من الدين في الناس ولذا قال ابن تيمية: ان الله ينصر الدولة الكافرة ان كانت عادلة ويهزم الدولة المسلمة ان كانت ظالمة..
ومن هذه البوابة حيث السلام لا بد ان يعبر الشعب الفلسطيني باتجاه حقوقه الوطنية المشروعة وقد توفر الحل العادل لقضيته والا فإن غياب السلام وغياب العدل يعني حضور الظلم والجور والاستبداد واستمرار الاحتلال..
نعم طرقنا باب السلام والعدل وما زلنا وما زال الباب مغلقاً بقوى الظلم والعدوان والاحتلال والبطش وما زال يسد البوابة قصيرو النظر من الذين ما زالوا يضعون رؤوسهم في الرمل هروباً من حقائق الواقع القادمة..
هذه البوابات جميعاً وليس واحدة أو بعضاً تفضي الى الحياة الرحبة واستغلاق واحدة منها يبقى الناس خارج السور يهزونه ويضحون في سبيل فتح ما استغلق خاصة وان الربيع العربي هب ليأخذ الخوف ويمنح الارادة ويصلب المطالب..
الملك أشار للبوابات وطالب بولوجها امام قادة من المنطقة والاقليم والعالم ليؤكد أن الربيع العربي فرصة لمن اختار العبور منه متسلحاً بقيمه الجديدة التي تشير اليها البوابات الاربع وهو امتحان قاس وموقع فشل للذين لا يقرأون الواقع لتطويره ولا ينظرون لحقوق شعوبهم المقدسة في الحياة.. (الرأي)