الصندوق ينصح ويحذر

تخلى ممثلو صندوق النقـد الدولي والناطقون باسمه عن أسلوب المجاملة والمديح فيما يتعلق بملاحظاتهم العلنيـة على الإنجاز المالي والاقتصادي في الأردن. صحيـح أنهم ربما كانـوا في السابق يعطـون ملاحظات إيجابية لاسـتهلاك الرأي العام المحلي، ويقولون شـيئاً مختلفاً وراء الأبواب المغلقة للمسؤولين، ولكن يبـدو أنه لم يعد هناك مكان للتصريحات الدبلوماسية.
لم تعد الأوضاع تسـمح باستمرار المجاملات، ففي مؤتمر صحفي أخير عقده في واشنطن أحد أهم مستشاري الصندوق وهو فيليـب جيرسون دعا الأردن خلاله إلى تعديل أوضاعه الماليـة، والانتقال من تقديم الدعـم الشامل إلى الدعم الموجه للمسـتحقين فقط، وأن يعمل على تخفيض مديونيته إلى مستويات آمنه.
وهنا قـدّر الصندوق أن الدين العام الأردني يعادل 8ر66% من الناتج المحلي الإجمالي أي أكثر بنسبة كبيرة من الرقم الرسمي الذي يرد في التقارير الشهرية لوزارة المالية، ويتجاوز السـقف القانوني الذي تعتقـد الحكومة أنها جمدت مفعولـه وأجلت العمل به لأجل غير مسـمى مع أنه سـاري المفعول بقرار من حكومة سابقة اعتباراً من 1/1/2010 ولم يعد قابلاً للتأجيـل.
إذا كان الأمر كذلك فإن من حقنا أن نلوم المحافظ المقال للبنك المركزي الشريف فارس شرف لأن صوته الناقـد للسياسة المالية والاقتصادية الحكوميـة المعمول بها لم يكن عالياً بالدرجة الكافيـة!.
لم يعد يلزمنا أن نلجأ لتصريحات هـذا أو ذاك من المسؤولين والمحللين من خارج الحكومة أو من خارج البلـد، فالحكومة نفسها تصف الأوضاع بأنها صعبة ولا تخفي تشاؤمها، ووزيـر المالية (السابق) توقـع أن ترتفع المديونية إلى مستوى 65% قبل نهاية السـنة، وأن الأردن قد لا يستطيع الاقتراض من السوق العالمية في العام القادم كما فعل في العام الماضي، ويلاحظ أن معظم المؤشـرات المالية والاقتصاديـة لا تعطي قـراءات مريحة وآخرها ارتفاع عجـز الحساب الجاري لميزان المدفوعات في النصف الأول من السنة إلى أكثر من ضعف ما كان عليه في نفس الفترة من السنة الماضيـة، الأمر الذي يعني أننا نعتمد على الاقتراض الأجنبي وتدفقات الاستثمارات الأجنبية لسـد الفجوة في ميزان تعاملنا مع العالـم وهي مصادر غير مضمونة ولا ُيركن عليها.(الرأي)