الأردن لكل الأردنيين

تأكيد خطاب العرش على هذا الثابت الوطني ليس هدفه القول تشرق الشمس من الشرق وتغيب في الغرب، بمقدار التذكير في وجه اي جدل او مماحكات تريد اصابة الهوية الوطنية المتكونة من شراكة متعددة انبثقت من لحظة التأسيس..
ولذا فإن الاردن لا يمكن ان يتنكر لمكونات هويته الوطنية او يخرج عليها او يختصرها لأنها عنوان وحدته الوطنية وسر تماسكها، وفي ذلك قوة جذوره وايضا قدرته على الاستمرار لتحقيق اهدافه، ولذا فإن تأكيد الانتماء للوطن لا يكون باقتسام الهوية الوطنية او الانتساب للقسمة وانما للانجاز والعطاء الذي يعزز الروح الوطنية ونهج التسامح..
نعم «الاردن لكل الاردنيين».. شعار لا بد من استمرار تأكيده بالعمل، لأن كل اكتاف الاردنيين المصطفة بجانب بعضها البعض على قاعدة الحقوق والواجبات والمساواة وتكافؤ الفرص هي التي ستحمل الاردن وطموحات ابنائه جميعا الى بر النجاة،وهي التي توزع الحمل ليهون ثقله.
لقد جاءت هذه العبارة «الاردن لكل الاردنيين» في خطاب العرش لتحسم جدلا ناشئا او ترد على مواقف ضيقة وتذكر بأن هذه الصيغة الوطنية لازمة منذ النشأة حين انبثق الاردن من رحم النهضة العربية وشارك في بنائه اخوة القومية والدين ليكون وطنا للحرية والعدالة والمساواة..
لا يقبل الاردن القسمة ولا يستطيع استمرار العيش بالتمييز وكل دعوة لذلك جرى الرد عليها بخطاب العرش «الاردن لكل الاردنيين»، لأن قبول التجزئة او القسمة او الاختصار او المفاضلة بغير مقياس الانجاز والعطاء ومن خلال الانتماء انما هو اضعاف للاردن صيغة ومكونات..
تقوى الاوطان بوحدتها وبالعدالة التي تنظم حقوق وواجبات مواطنيها، فلا فضل لأحد على الاخر الاّ بمقدار ما يعطي لبلده بما يؤكد الانتماء اليه..اما اشكال الرطانة الاخرى والتشكيك ومحاولات النيل من مواطنة اي فرد او التشكيك فيها فإنما هي السوسة التي يمكن ان تنخر في اعمدة الوطن الرافعة لبنائه..
ان العلاج من استمرار الشكوى التي اوجبت ذكر العبارة في خطاب العرش لا بد ان تصاحبه ثقافة وطنية اصيلة تستثمر في الجوامع وتؤكد عليها وتضيء الفوائد من تأكيد الشعار بضرب الامثلة وتقديمها وجعل كل الاطراف على اختلاف رؤيتها ومواقفها تحس بضرورة ذلك وايضا بمخاطر استهداف الشعار او محاولات النيل منه..
الاصل هو الممارسة والاصل ان نصون هذا الشعار ليس باستمرار ترديده وانما عن طريق تأكيده بالعمل وببنية تشريعية وقانونية وسلوكية تجعل الخروج عنه او عليه خروجا على القانون،يستحق الخارج العقوبة المغلظة والادانة الجمعية الواضحة المستنكرة لعمل ثقب السفينة او الاستعداء عليها..
الصيغة الاردنية في جوانب منها تكاد تكون فريدة في منطقتها وقد استطاع الاردنيون من خلال قيادتهم اثراء التعددية في هويتهم الوطنية وتفعيلها والبناء من خلالها حتى تكامل هذا الوطن الذي اصبح مثالا للانجاز..
قد تكون ظروف اقتصادية واجتماعية وراء رطانة تمس هذا الشعار او تحاول التشكيك فيه ولذا فإن الحفاظ عليه لا بد ان يخدم من خلال المقدمات التي اوردها الملك في خطاب العرش وجعل عنوانها الاصلاح السياسي.. مراهنا على ان هذا الاصلاح بمراحله وتراكماته وجديته وتوسيع المشاركة في انجازه كفيل بتأكيد ان الاردن لكل الاردنيين وليس لغيرهم ممن يستهدفونه او يترصدون ضعفه وبالمقابل ليس لمكون وطني واحد من مكوناته وانما بكل الاكتاف التي حملته وعبرت به المآزق، وسيظل للابناء الذين عمل اباؤهم من قبل ليظل يعبر مسيرته موحدا بجهد وانجاز كل ابنائه..
(الرأي)