نعم الأولوية للإصلاح السياسي!

هذه قناعات لم يكن من السهل الوصول اليها من قبل حين كان الجدل مستمرا في ترتيب الأولويات... وقد حسم خطاب العرش امس الاول الأمر حين جعل عنوان المسيرة في المرحلة القادمة الاصلاح السياسي ومواجهة استحقاقاته وعدم القفز او الهروب منها وتوفير البيئة المناسبة لتحقيق ذلك..
الملك يلتقط اللحظة المناسبة حين يجعل العنوان مباشرا ويدعو الى استكمال انجاز البنية التشريعية التي تؤسس لتطوير العمل السياسي وهي قوانين الانتخاب والاحزاب والهيئة المستقلة للانتخابات والمحكمة الدستورية وغيرها من القوانين الناجمة عن التعديلات الدستورية اضافة الى قوانين الاجتماعات العامة ونقابة المعلمين وكذلك التشريعات المتعلقة بالعمل الاعلامي وحرية الرأي والتعبير... هذه الورشة المتكاملة التي فتحت ابوابها للانجاز انما تستجيب للمطالب الشعبية والضرورات الوطنية والتطورات القائمة في الاقليم نتاج سيادة مناخ الربيع العربي... وهي في حال اضطرادها الذي وصفه الملك في خطاب العرش انما تستهدف الوصول الى حكومات نيابية.
اذن هناك حالة من التكامل لا بد من استدعائها والعمل من خلالها ولا بد للاحزاب من ان تقوم وتتطور لتكون الرافعة التي تبنى بها الحكومات وهذه الاحزاب تنضج من خلال استمرار التشاور معها فالاختبار الحزبي يتم في البرلمان حين يصعد التمثيل الحزبي تحت القبة بالمنافسة وحصد المقاعد النيابية..
خطة الطريق للاصلاح السياسي أصبحت واضحة ولا تحتاج الى معاودة التعريف لها في كل يوم.. وهي بالتراتيبية الموصوفة والمكونات المطلوبة في خطاب العرش ستصل الى حالة نستطيع فيها كسر الحلقة التقليدية في تشكيل الحكومات والتي لم يعد تشكيلها التقليدي يصمد أمام المتغيرات والمطالبة بتمثيل أفضل على أسس أخرى مختلفة..
لقد عانينا وما زلنا نعاني من استمرار الصيغة القليدية التي تستهلك حكومات وصلت الى ثلاث في سنة واحدة والى غياب الخطط وعدم القدرة على اجابة الاسئلة الشعبية المطروحة لانتقاد النمط التقليدي في تشكيل الحكومات الى ما يكفي من المشاركة والتمثيل وبالتالي التوقف في حدود المناطقية والجهوية وما يعوز هذا الاختيار غالباً من صفة الكفاءة..
يبقى الرهان على اعراب مضامين خطاب العرش والامساك بمكونات الدعوة لانفاذ مشروع الاصلاح السياسي بسرعة وضمن خارطة الطريق المحددة لذلك وهي الخارطة التي أسست لها التعديلات الدستورية وفتحت المجال للسير بها الى الاهداف المطلوبة..
بوضع الملك عنوان «الاصلاح السياسي» وحسمه أمر الوصول الى حكومات نيابية منتخبة ثار الجدل حول ايجاد نصوص دستورية بخصوص ذلك تكون الانظار الان ومجدداً قد توجهت الى المعالجة الصحيحة..
لا يمكن اذن تجاوز الاخطاء التي وقعت وتصليحها الا باستكمال المنظومات التشريعية بسرعة لأن ذلك هو ما يستكمل بنية العدالة ونظام الجدارة والمحاسبة الذي يضمن التوازن بين السلطات وبالتالي الوصول الى التنمية الشاملة والعادلة والتي هي شرط شرعية كل نظام سياسي يجمع عليه المواطنون..
ويبقى ان العبرة في التطبيق واستشعار المخاطر واحتسابها من المماطلة أو التأجيل أو انتقاص الحقوق في التشريعات أو جعلها مطاطة أو قابلة لحمل أوجه تنفذ منها الاتجاهات والاجتهادات الخاطئة..
ولأن ايقاع التغيرات في المنطقة سريع وشديد وحركة الشارع في بلدنا شريكة في ذلك فإن من الحكمة سرعة الحسم وجعل القرار الرسمي في قدرة المواكبة لانجاز كل مضامين خطاب العرش وما تتطلبه الاهداف التي دعا لها من وسائل.
(الرأي)