هل الإصلاح الاقتصادي وارد ؟

أحـدث أرقام وزارة المالية تشير إلى أن العجـز في الموازنة العامة قبل المساعدات الخارجية بلـغ لغاية شـهر أيلول 67ر1186 مليون دينار بارتفاع قـدره 36% عما كان في نفس الفتـرة من السنة الماضية، ولكن المنحة السعودية الاستثنائية هي التي خفضت العجز إلى 5ر140 مليون دينار بعد المساعدات.
وزارة المالية كانت تماطل في دفع المبالغ المستحقة للموردين والمقاولين لتقليل بشـاعة أرقام الموازنـة، ولا شـك أن الوزير الجديد ليـس له أو لحكومته مصلحة في ذلك. ومن المؤكد أنه سـيأمر بدفع جميع المستحقات قبل نهاية السـنة بحيث يظهر العجز المالي لسنة 2011 على حقيقته، ويبدأ عام جديد على مسؤولية الحكومة الجديدة يعطي نتائج أفضل بكثير مما حـدث في العامين الماضيين. وهي سياسة طبقتهـا جميع الحكومات التي تأتي في الجزء الأخير من السنة، ومارسها سـلفه بإصدار ملحق موازنة مشـهور، تم بموجبه نقـل مئات ملايين الدنانير من النفقات العامة من موازنة 2010 إلى موازنة 2009.
وبالرغم من المنحة السـعودية السخية، التي لم تكن واردة في الموازنة الأصلية، فإن الحكومة ومؤسساتها كانت تقترض بكثافة خلال الشهور التسعة الأولى من هـذه السنة بمعدل يناهز 100 مليون دينار شهرياً أضيفت إلى المديونية التي اخترقت السقف القانوني البالغ 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
إذا كانت هنـاك نية صادقـة للإصلاح الاقتصادي، فإن هـذا الإًصلاح يجب أن يبدأ في مجال المالية العامة، فحتى تاريخه أخذت الحكومات بسياسة الاسترضاء لشراء الوقت، وهي سياسة قابلـة للتطبيق في البلدان المصدرة للنفط لتوفر المال، ولكنها غير قابلـة للتطبيق في بلد كالأردن تعتمد خزينتـه على الاقتراض في تمويل النفقـات الجارية للحكومة.
سياسة الاسترضاء والدعـم الشامل التي مارسـتها الحكومات السابقة لم تحقـق النتائج المرجوة، فهناك نحو خمسـة آلاف مواطن أردني لن يهـدأوا، حتى لو بدأت الحكومة بتوزيـع البنزين والخبز والأعلاف مجـاناً بتمويل من البنك الدولي، فالمسيرات الشـعبية بعد صلاة الجمعة عملية ممتعة وغير مكلفـة.
يقال إن الظروف السياسية المحلية والإقليمية لا تسمح بإصلاح اقتصادي حقيقـي، فإذا صح ذلك، وكانت سياسـة الدعم الشامل الراهنة قـدراً، فإننا لا نطلب من الحكومة رد القـدر بل اللطف فيه.
(الرأي)