الجذور الفكرية ليسار المجلس الوطني

قبل ما يسمى بالربيع العربي, وقبل انفجار الاحداث في سورية, كانت اوساط اليسار السوري المنخرطة اليوم في اطار ما يعرف بالمجلس الوطني, قد حسمت خياراتها المعرفية والنظرية في اتجاه الليبرالية ومن ثم السياسية..
وقد اتكأت بالمجمل على تأويلات مقحمة لكتابات ماركس المبكرة واضعة هذه الكتابات في مواجهة ثورة اكتوبر واعمال لينين, مما قادها ايضا الى رد فشل الاشتراكية الى ما كان ينقصها من حداثة رأسمالية والى اعتبار العولمة (ظاهرة محايدة) لتدفق المعلومات والتكنولوجيا اكثر منها ظاهرة رأسمالية (غليون - عيد)..
وبالتالي وبدلا من العودة الى ماركس والصراع في الحلقات الرأسمالية القوية »بعكس لينين, كسر الحلقات الضعيفة) اخذت ماركس الى التكيف مع هذه الحلقات عبر الليبرالية.. وعكست ذلك في مواقف عدمية من المسألة القومية ومن الاشتراكية.
وهو ما كشف كذبة او زيف الخطاب الديمقراطي الذي تزعمه, تحت تأثير ثنائية صورية تتجاهل الابعاد الاخرى وتحصر المسألة بين الديمقراطية والاستبداد, فجاء خطابها خطابا ليبراليا منفصلا عن قضايا الصراع الطبقي والقومي الاخرى ومتحالفا مع الرأسمالية العالمية, وليس خطابا ديمقراطيا يلحظ جدل العلاقة بين الحرية السياسية وبين المعركة ضد التبعية..
وقد ظهر هذا الخطاب الليبرالي في كتابات ودراسات العديد من هؤلاء اليساريين مثل عبدالرزاق عيد وياسين الحاج صالح وجهاد مسوتي ونذير جزماتي وجماعة رياض الترك (الحزب الشيوعي - المكتب السياسي) ومن اخطر مظاهر هذا الخطاب, حسب دراسة للصديق كيله: -
1- التدليس النظري, فالعلمانية مثلا لم تعد موقفا معرفيا بل موضوعا للمساومة يمكن تجنبه في تسوية مع الاخوان المسلمين (ياسين الحاج صالح).
2- التدليس السياسي وذلك بفصل اللحظة السياسية عن تشابكات القانون العام للتناقض... والاخطر من ذلك مقاربات جماعة رياض الترك للديمقراطية, فهي تدعو الى عدم تقييد الديمقراطية ببرنامج تفصيلي يؤدي الى اختلافات لا معنى لها مما يؤدي بالمقابل الى عدم فهم الواقع ومشكلاته المركبة, ويكرس الفقر السياسي عند هذه الجماعة (غياب التحليل, سرد سياسي يضمن احكام قيمة ثنائية صورية مع - ضد او رافض - مؤيد او استبداد - ديمقراطية..).
(العرب اليوم)