نحو رؤية اقتصادية

وزير الصناعة والتجارة ركن أساسي من أركان الفريق الاقتصادي للحكومة، وخاصة فيما يتعلق بالإشراف على شـؤون القطاع الخاص من شركات ومشاريع تشكل العمـود الفقري للاقتصاد الوطني.
تبحـث الوزارة دائماً عن برنامج عمل يحوي أهـدافاً وإجراءات. وهي تشـعر بأنه ليس من حقها، وليس بمقدورها، أن تنفـرد في صياغة سياسـاتها وتوجهاتها.
بهذا المعنى دعت الوزارة إلى حـوارات اقتصادية موسـعة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، شارك فيها مسؤولون في القطاعين العام والخاص في الأيام الأخيـرة لحكومة الذهبي، التي لم تسـتطع أن تنتقـل بنتائج الحوار إلى مرحلة التنفيذ، فقـد رحلت تاركة التوصيات لحكومة الرفاعي التالية، التي أخذت تقارن وتوازن بين توصيات الحوار وبين توصيات الأجندة الوطنية. ولم يتسـع الوقت أمامها لترسـو على بر، فقد رحلت بشكل مفاجـئ.
بعد ذلك جـاءت حكومة البخيت، واستخرج وزير الصناعة والتجارة هاني الملقي ملف الحوار السابق لسـنة 2009، ووزع توصياته على الجهات الرسمية، لإبداء الرأي والاسـتعانة بها كبرنامج عمل انتقائـي للأجل القصير.
لكـن الملقي ارتأى أن الظـروف العامة تغيرت وأن المرحلـة الحالية مرحلة حوارات وطنية، فشـكل لجنة موسـعة للحوار الاقتصادي تبحث في التحديات والفرص ووسـائل العلاج، ويشارك فيها متخصصون من القطاعين.
طال عمل لجنة الحـوار الاقتصادي وخاصة فيما يخـص القطاع المالي والنقـدي، وما إن خرجت التوصيات حتى رحلت حكومة البخيت تاركة توصيات الحوار الاقتصادي لمن يأتي بعدهـا.
وزير الصناعة والتجارة الجـديد في حكومة الخصاونة سـامي قمـوة لم يشـأ أن يتجاهل ويلغـي نتائج الحـوار الاقتصادي الذي تم قبولـه، خاصة وأنه شـارك في ذلك الحوار، وأسـهم في إعداد توصياته، فقرر أن لا يبدأ من الصفر وتبنى التوصيات والبناء عليها.
نحن الان أمام توصيات الحوار الاقتصادي، وفيها توجهات صعبة وخاصة فيما يتعلـق بإيصال الدعم إلى المسـتحقين. وليس معروفاً ما إذا كانت الحكومة قادرة على الأخذ بها.
الوقت ضيق، والحكومة مطالبة بأن تبلور سياسـاتها الاقتصادية بسرعة، وأن تحاول تسويقها شـعبياً حتى لا تصطدم بأصحاب الأصوات العالية الذين باسم الإصلاح يقفون سداً في وجه الإصلاح.
خلال 24 شـهراً الماضية شهدت وزارة الصناعة والتجارة أربعة وزراء، مما يجعل العمل بمنتهى الصعوبة في غياب الاستمرارية.
(الرأي)