سوق الحميدية بعد الاسد

ابتداء, النظام السوري ليس نظاما كامل الاوصاف, بل ان كل مظاهر النظام القطري العربي موجودة فيه بامتياز, من الفساد الى تغول الاجهزة الامنية على الحياة السياسية, لكنه لا يستهدف اليوم لاسوأ ما فيه بل لافضل ما فيه, الاستقلال السياسي وموقفه من الصراع العربي - الصهيوني ورفضه لان يضع السفير الامريكي بصماته على آخر قرار في ليلة الحكومات كما يستهدف هذا النظام لانه نجا من فخ المديونية, حصان طروادة لكل الاثام الاخرى..
وثانيا, النظام السوري ليس مرشحا للسقوط لاسباب داخلية وخارجية, فالقوى الاجتماعية المقررة في دمشق وحلب معه وغالبيتها (من الطائفة السنية) وكذلك المجاميع المذهبية الاخرى اضافة لازمة الاطراف الاخرى المحلية والاقليمية والدولية وللموقف الراسخ لروسيا والصين وايران وحلفاء دمشق في لبنان والعراق واكراد تركيا وحزب الشعب ثاني حزب في البرلمان التركي..
ومع ذلك اذا افترضنا سورية من دون الاسد ونظامه, تعالوا نتخيل هذا البلد العربي, من خلال صورة لسوق الحميدية:-
اثواب بيضاء رجالية قصيرة, وعطر باكستاني واسواط من الجلد الملون مستوردة من قندهار مع برشورات لجماعات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن المؤكد ان السوق سيكون مزدحما بالاعلام السورية الجديدة وصورالزعماء الجدد واسلافهم الميامين.. فاضافة لصور العرعور وانجاله بعدد انجال القذافي وهيثم المالح بطلعته البهية, والدروبي اول حاكم سوري عند الفرنسيين اضافة لهؤلاء وغيرهم سيعود علم الانتداب الفرنسي خفاقا في كل مكان وهو العلم الذي تعتمده اوساط من المعارضة كما يظهر على فضائيات معروفة, وتتوسطه ثلاث نجوم حمراء.
وقريبا منه في آخر السوق تعالوا نتخيل طاولة عامرة بالمازات والكبة الشامية في احد مطاعم القيمرية او في النوفرة خلف المسجد الاموي, وتجمع السيدة كلينتون واردوغان وساركوزي ورجلا ضخما قادما من الخليج يقابله مسؤول رفيع من الخارجية (الاسرائيلية) والعقيد رياض الاسعد وجماعة اسطنبول والسيد خدام وسمير جعجع ومندوب ما عن حزب المستقبل وآخر عن ثوار الناتو في باب العزيزية..
والقائمة طويلة وليس للحديث بقية فالمطلوب ترسيم الحدود نهائيا: الاسكندرون تركية والقامشلي تضم لكردستان العراق والجولان تحل بالمقايضات المالية من صناديق خليجية (قواعد للمراقبة ومولات ومناطق مؤهلة) ولا بد ان يقوم الحكام الجدد باعلان التعددية, من تعدد الزوجات والاحزاب كما فعل عبدالجليل في ليبيا الى اقتصاد السوق من دون قيود وتعدد الجهات الدائنة والمديونية. (العرب اليوم)