بلاغ إعداد الموازنة العامة!

إصدار بلاغ من رئيس الوزراء يسـبق إعداد الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية تقليـد أردني لم يعد يخدم غرضاً لأنه يكرر نفسه سنوياً، ولا يمثل موقفاً حقيقيـاً للرئيس أو لوزارة المالية المسؤولة عن رسم الموازنة العامة وتطبيقها، خاصة وأن مشاريع الموازنات الفرعية التي تعدها الوزارات والمؤسسات العامة المستقلة غير ملزمة لوزارة المالية التي تملك الصورة الكبيرة للوضع المالي وتسـتطيع التحرك على ضوئها ولكن بحـدود.
على أي حال قـد يكون من المفيـد الوقوف عند بعض العناصر والمرتكزات التي وردت في البلاغ الرئاسي، لنجد فيها عبارات قويـة وأهـدافاً صحيحة، ولكن من المؤسـف أن الجاري عملياً هو عكسـها تماماً، فهل هناك جـديد أم أن الاتجاهات المالية المعمول بها سابقاً سـوف تستمر باتجاه الأزمـة.
خـذ مثلاً الحديث عن (تحسين مستوى الاعتماد على الذات) الذي يرافقه تقديم موازنة عامة تحتاج لاقتراض 25ر1 مليار دينار لسـد العجز.
وهناك حديث عن (التركيز على المشاريع التنموية لتعزيز الإنتاجيـة) في حين تجد وزارة المالية نفسـها مضطرة لشـطب معظم النفقات الرأسـمالية أو تأجيلها لتخفيض العجز حسـابياً.
وهناك حديث عن (تعميم مكاسـب التنمية على سـائر المناطق) في حين يتركز النشاط الحكومي في العاصمة عمان. أين هي التنمية لنختلف على توزيع مكاسبها؟.
وهناك حديث عن (مواصلة الإصلاح المالي والاقتصادي) في حين يتم التراجع عن إنجازات الإصلاح المالي التي تحققت خلال 20 عاماً بكلفة اجتماعية عالية.
ويتحدث بلاغ الموازنة عن (خطة زمنية لاعتماد بدائل تمويل العجز) في حين يتم تمويل العجز في الموازنة باللجوء إلى جميع أشكال المديونية الداخلية والخارجية.
كما يتحـدث البلاغ عن (استقطاب الاسـتثمار باستكمال التشريعات) في حيـن تنطلق تصريحات رسمية تثير شـكوك ومخاوف المستثمرين.
وأخيراً يجري الحديث عن (برنامج وطني لتخفيض العجز والمديونية) في حين يتفاقم العجز المالي سـنوياً، ويتضخم الجهاز الحكومي وتتجاوز المديونية السقف القانوني، ويتسابق المسؤولون على اكتساب الشـعبية بشراء الوقت وترحيل الأزمات للمستقبل ولو أدى ذلك إلى تفاقمها.
الخطاب المعلن في واد والواقع المعاش في واد آخر، والمرجو أن يلتقيـا، فنحن لا نطالب بأكثـر من موازنة عامة تلبي المبادئ التي أشـار إليها بلاغ الموازنة.(الرأي)