برنامج مالي لثلاث سنوات!

الحديث عن برامج مالية لعـدد من السنوات القادمة لم يعـد مجـدياً في حالـة تغيير الحكومات سـنوياً، وقيام كل حكومة بإلغاء إجـراءات الحكومة السابقة والبدء من الصفر مجـدداً.
أول خطة مالية لثلاث سنوات زاحفـة كانت خطة وزارة المالية في عهـد وزيرها الدكتور زياد فريز، الذي لم يكمل السـنة الأولى، ولم يسـتطع وقف سياسة دعم المحـروقات التي نسـفت خطته من أساسها.
في كل سنة نسمع ونقـرأ عن خطة لإصلاح الوضع المالي خلال ثلاث سنوات قادمة، وفي كل مرة كان الوضع المالي يتفاقـم سـنة بعد أخرى بمقياس عجـز الموازنة وارتفاع المديونية وتراجع هـدف الاكتفاء الذاتي.
خطط السـنوات الثلاث لها معنى إيجابي وآخر سلبي. في الجانب الإيجابي تقرر الخطة أن الإصلاح المالي يحتاج للتخطيـط والزمن، ولا يمكن إحداثه بضربة معلـم. وفي الجانب السلبي تخـدم الفكرة تأجيل قرارات الإصلاح المالي وتحويلها إلى مجـرد وعود وتوجهات مسـتقبلية غير مضمونـة الحدوث.
أولويات الحكومات في الظروف الراهنة ليست اقتصادية أو مالية بل سياسية، فهي تحت ضغط الحراك الشـعبي، ومضطرة لاسترضاء الجميع ولـو على حساب ما يسـمى المصلحة العامة، فالمهم هو البقـاء والاستمرار وليس تحقيق النتائج.
جميل أن يفكـر وزير المالية من أفق زمني أوسـع يمتد ثـلاث سنوات، ولكن ما يهمنا هـو ماذا سوف يفعل في السنة الأولى كما سيظهر من أرقـام وتوجهات الموازنة العامة لسـنة 2012.
هل يسـتطيع الوزير أن يخصص مليار دينار لسـد خسائر الكهرباء، وملياراً آخر لارتفاع أسعار البترول عما كانت عليه في عام 2009 التي ما زالت نقطة الأساس في الأسعار المحلية الراهنـة.
عنصر المنح المالية العربية والأجنبية هـام جداً ولكنه يعـود لاعتبارات سياسية لا تخضع للتخطيـط المالي الأردني ويجب أن لا تدخـل هذه المنح في برنامج الإصلاح المالي، فالعجز يحسـب قبل المنح والمساعدات، أما ما قد يرد من منح ومسـاعدات فله استعمال واحد هو تخفيض العجـز وتقليـل الاستدانة وليس البحث عن وسائل إضافية للإنفـاق.
أداء وزارة المالية وجهـود الإصلاح المالي تقاس بحالة الموازنة قبل المنـح، وما زاد عن ذلك تقع مسـؤوليته على جهات أخرى غير وزارة الماليـة.
(الرأي)