مؤتمر "الثقافات الشعبية" في فيلادلفيا

المدينة نيوز - عاينت الأوراق البحثية التي عرضت الثلاثاء والأربعاء في المؤتمر السادس عشر لجامعة فيلادلفيا "الثقافات الشعبية" تجليات الثقافات الشعبية في الأدب، والحكايات الشعبية في ثقافات الشعوب، والأغاني والأشعار الشعبية، والثقافة الشعبية وارتباطها بالفنون.
وسعت الجلسة الثامنة إلى إظهار العلاقة المتينة بين الثقافة الشعبية والفنون، إذ تناول الدكتور ايمن فاروق (من جامعة حلوان – مصر) في دراسته التحليلية "عناصر الفن الشعبي والاستفادة منها في إثراء القيم التصميمية لتجميل واجهات العمارة الحديثة" تنوع التراث الشعبي نظراً لتنوع المناطق من حيث طبيعة العادات والتقاليد. ورمى البحث إلى إن معطيات التصميم يمكن أن تلعب دوراً مهما في الحفاظ على موروثنا الشعبي، من خلال دراسة وتحليل الزخارف الشعبية بصياغاتها المتعددة والمتنوعة التي اندثرت وقل استعمالها في الزمن الحالي، والتوصل لأساليب تطويع وصياغة تلك المفردات الشعبية وكيفية توظيفها في تجميل واجهات العمارة الحديثة وإثرائها بالقيم الفنية والتراثية .
وأشار المهندس الدكتور اشرف حسين (من جامعة حلوان – مصر) في بحثه "صلاحية البقاء والتحول للمفردات التشكيلية الشعبية المصرية فى الفراغ الداخلي" إلى أن الاعتناء بالشكل الشعبي إنما هو فى الحقيقة إعتناء بالدلالة الحسية، فالحجوم والاشياء تُدرك دائما بالحواس،حيث تُرى بالعين، اما الشكل التشكيلي فهو صيغة تجميلية تُدرك آثارها دائما بالتذوق، أي بالعامل النفسي وبالغرض المعنوي.
وأضاف "المفردات التشكيلية الشعبية هي أشكال طالما عبرت عن القيم المادية أولا وأخيرا ثم التعبيربعد ذلك عن القيم الروحية، حيث إنها تحقق فى النهاية وظيفة نفعية تلبي احتياجات الجماعة اليومية والمعيشية على مر العصور، واعتمدت بالاساس على معطيات من البيئة التى يعيش فيها الانسان صاحب الابداع وسواءً كانت هذه البيئة من مكونات طبيعية ومظاهر جغرافية، أوما تختزنه هذه البيئة من موروثات ثقافية، أو ما تعايشه هذه البيئة من متغيرات إجتماعية واقتصادية وسياسية مما يؤثر فى الانسان الذى يعيش فى هذه البيئة".
وأوضح الدكتور حسن نعيرات (من جامعة النجاح الوطنية – فلسطين) في ورقته "الحرف والصناعات الشعبية (حرفة الفخار)" أن هذه الدراسة كانت بداية الطريق الذي يودُ أن يسير فيه حتى يساهم في الحفاظ على بعض هذه الحرف والصناعات اليدوية التقليدية، والتي يكتب لها الضياع إن لم يهب الباحثون لجمعها ودراستها وتوثيقها. وحاول في دراسته الميدانية أن يكتب ويوثق بالصور كما رأى وسمع من أصحاب الشأن.
وهدف البحث الذي قدمه الدكتور محسن علام (من جامعة فيلادلفيا) "التفاعل والإندماج بين الموروث الثقافي البدائي وفن الجرافيك المعاصر" إلى إثبات أن الأعمال الجرافيكية التي تتسم بالطابع التجريدي خاصة تسكنها وتوجهها قيم ثقافية مستمدة تتواءم وتتبدل مع روح المعاصرة، وأن زمن العولمة الثقافية له أثره على الفنان في التثاقف مع الآخر والإندماج في ثقافة الموروثات المتعددة محكوماً في الوقت ذاته بتطورات وثقافة عصره.
وأكد البحث الذي قدمته الدكتورة رقية الشناوي والدكتورة مرفت الحديدي والدكتورة حنان سمير (من المعهد العالي للفنون التطبيقية – مصر) أن إعادة صياغة الرموز الشعبية العربية في تشكيلات فنية معاصرة عن طريق مجال الرسم الالكتروني وتقوم منهجية البحث على المنهج الوصفي والتحليلي من خلال طرح رؤية مقترحة لتوظيف الرموز الشعبية العربية المختلفة في صياغات معاصرة تواكب العصر الحالي مع الحفاظ على أصالتها في مجال الرسم الالكتروني.
أما البحث الذي قدمته الدكتورة سحر منصور (من جامعة حلوان - مصر) بعنوان "جماليات المثلث كوحدة زخرفية في الثقافة الشعبية وابتكار تصميمات لطباعة المنسوجات المعاصرة"، فدعا إلى إجراء دراسة تحليلية لجماليات وحدة المثلث في الزخارف المعمارية الشعبية، وكذلك زخارف الأزياء الشعبية، الحلي وأدوات الزينة، المنتجات الفخارية ومنتجات الخوص بمنطقة الواحات المصرية، حيث سجل الفنان الشعبي روائع تتميز بعلاقات متناغمة ينبثق عنها معان لها دلالات رمزية وقيم تعبيرية، استخدم فيها التماس والتشابك والتداخل فى تعاقب أو تبادل على فترات متقاربة أو متباعدة أو متناسبة خلال قيم جمالية متعددة.
ويناقش البحث الذي قدمته الدكتورة مها عبد العال(من جامعة حلوان - مصر) بعنوان "التراكمية في الفن الشعبي وتأثيرها على المدخل في المنزل النوبي" مفهوم التراكمية بوصفه سمة من سمات الفن الشعبي يعمل على استمراريته واحيائه وبالتالي المحافظة على الهوية والشخصية التي تميز الفرد والجماعة في المجتمع المصري لمواجهة الغزو الفكري والثقافي وطمس هويتنا في الوقت الحاضر.
وتصدت الجلسة السابعة التي أدارها الأستاذ الدكتور عز الدين الدين المناصرة للأغاني والأشعار الشعبية، قدم خلالها الدكتور سليمان زيدان (من جامعة عمر المختار ـ ليبيا) بحثه "القصيدة الشَّعبية في ليبيا فنٌّ وثقافة وتأريخ"، قال فيه إن "القصيدة الشَّعبية الليبية تمتزج في (التعبير) بـ (التَّصوير)، حيث تتناسل الألفاظ والمعاني لتنتج لوحات فنيَّة معبرة تتشكَّل ألونها من اللغة الشعرية والصورة الشعريَّة، وبخاصة قصيدة (مابي مرض) التي عُدَّت ملحمة جهادية تأريخية، فلمطلعها قصة مأسوية حرَّكت شعراء المعتقل ؛ فاكتالوا من معين تجاربهم الشعورية ، فسقوا قرائحهم ؛ فجادت بتجارب شعرية.
وتناول الدكتور عبد الخالق عيسى (من جامعة النجاح الوطنية – فلسطين) في دراسته "تجلّياتُ الثقافةِ العربيّّةِ القديمةِ في الأغنيةِ والبكائيّةِ الشعبيةِ الفلسطينية" العلاقة بين الموروث العربي القديم والأغنية والبكائية الشعبيّة الفلسطينية، في محاولة لتجذير الثقافة الفلسطينية، والمحافظة على تفاصيل هويتها، أمام محاولات الاحتلال، قطع هذا الشريان، وقد حرص على جمع الأغاني والبكائيات من الجيل الذي كان يردّدها في مناسباته، واستعرض نماذج شعرية قديمة وعادات كانت منتشرة، وبحث عن الصلات بينها وبين المادّة الشعبية الفلسطينية.
ورأى الدكتور معتصم عديلة (من جامعة القدس – فلسطين) في بحثه "الزجل الشعبي في فلسطين / تأصيل ودراسة" أن الزّجل في فلسطين لم يأخذ حقه من الدراسات الأكاديمية والبحثية العلمية الجادة، فالدراسات السابقة التي تناولت الزّجل في فلسطين قليلة جداً، ومعظمها لا يرقى إلى المستوى العلمي المطلوب، كما أن سائر هذه الدراسات التي استطاع عديلة الاطلاع عليها لم تتطرق إلى دراسة الجانب الموسيقي لقوالب الزّجل وخصائص مكوناته الفنيه. وعليه فإن هذه الدراسة تتركز في التعرّف على الأسس والقواعد اللحنية والإيقاعية والأدائية التي تُبنى عليها قوالب الزّجل، وكذلك الأبعاد الاجتماعية والقيمة التراثية لهذا الغناء.
وبعكس الزجل الشعبي الفلسطني، فإن الدراسة التي قدمتها الدكتورة بنان صلاح الدين بعنوان "توظيف الأغنية الشعبية في الشعر الفلسطيني المعاصر" أكدت أن الشاعر الفلسطيني وجد في الأغنية الشعبية مادة غنية للاستفادة منها كافّة، اذ انها تعالج الموضوعات التي تهم الشعب الفلسطيني و تقع تحت احساسه، ففيها الوصف و المدح والفخر و الرثاء و الهجاء و غير ذلك، نظرا للظروف السياسية التي مر وما يزال يمر بها الشعب الفلسطيني فقد حظي الوطن بنصيب الأسد في الأغنية الشعبية الفلسطينية، اذ كان لابتلاء الانسان الفلسطيني من تشرد وهجرة وغربة وما تمخض عن ذلك من محن ومصاعب حياتيه وآثار نفسية أن ترك تعبيراته المؤلمة في أغانيه الشعبي.
أما الجلسة السادسة، التي كانت برئاسة الأستاذ الدكتور يوسف بكار ، في قاعة المؤتمرات – كلية الآداب والفنون في مقر الجامعة، افتتحت بورقة قدمها الدكتور ابراهيم أبو هشهش (من جامعة بيت لحم – فلسطين) بعنوان "جحا العربي وجحا الألماني"، لتكون أساسا في قراءة عدد من نوادر جحا العربي الشهيرة وما يقابلها من حكايات تل أويلن شبيجل، وهو الشخصية المقابلة لجحا العربي في الأدب الشعبي الآلماني، منطلقة في أثناء ذلك من الموتيفات الأساسية المشتركة بين الأدبين واختلاف التشكل السردي بينهما.
وقال أبو هشهش إن ورقته لا تهتم بالتمييز بين جحا العربي ونظيره التركي المعروف بنصر الدين خوجة، فقد امتزجا مع الزمن في شخصية واحدة ولا يمكن تمييز النوادر التي تنسب لأحدهما عن النوادر التي تنسب للآخر إلا في حالات قليلة تتضح من خلال عناصر مكانية ولغوية محددة.
وقدم الدكتور أمين يوسف عودة (من جامعة آل البيت – الأردن) مقاربة بين عالمين، في ورقة حملت عنوان "الغرائبي والعجائبي بين ابن عربي وحكايات ألف ليلة وليلة". نهضت على مضاهاة اعتبارية، أحدهما عالم الغيب أو أرض الحقيقة، والآخر عالم الشهادة أو أرض المجاز. أما عالم الغيب فيمثله نص لابن عربي بعنوان:" في معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم، وتسمى أرض الحقيقة، وذكر ما فيها من الغرائب والعجائب". وأما عالم الشهادة فيمثله كتاب ألف ليلة وليلة بحكاياته الشعبية، وما تنطوي عليه من غرائب وعجائب، تنزع نحو التحرر من قوانين الواقع، وضوابط العقل وقواعده المنطقية الصارمة.
وتطلع بحث الدكتور أحمد مصطفى سيف الدين (من جامعة البعث - سورية) في بحثه "المؤتلف والمختلف في الحكايات الشعبية"، إلى المقارنة بين بعض الحكايات الشعبية في سورية ومثيلتها في بعض البلدان الاسكندنافية، وذلك للوقوف على أوجه التشابه والاختلاف في النمطين الحكائيين من خلال التعرف على دلالة الحكاية الشعبية.وطريقة بناء الحكاية الشعبية، والغاية من تلك الحكاية.
وتبنى البحث المنهج المقارن لإظهار الثيمات المتشابهة والمختلفة في الحكايتين وربطها بالبعد الاجتماعي والظرف الموضوعي الذي نشأت فيه الحكاية، ومدى علاقتها بالواقع وتعبيرها عنه.
أما في ورقة "المحكي الشعبي في القصة القصيرة بالمغرب" للقاصة ربيعة ريحاني تمت المقاربة بين بعض النماذج في القصة المغربية الرائدة والحديثة، والارتباط المباشر أو غير المباشر بالتراث السردي الشفوي العتيق من خلال الحكايات الشعبية والنوادر والليالي والمقامات والأسمار في القصة القصيرة المغربية وغيرها. وكشفت الباحثة المغربية عن تمظهر الأصل الحكائي الشعبي أحيانا بصورة تكاد تكون لاشعورية وأحيانا بشكل واع لهذا تغترف الكثير من النصوص منه، وتستثمر حكايات النوم والأحلام والأساطير الشعبية وتتمثل طقوس الواقع المحلي بعاداته وتقاليده ومعتقداته المقترنة بخصوصية المتخيل الاجتماعي وحمولاته التاريخية .
الجلسة الخامسة ضمن فعاليات المؤتمر كانت برئاسة الدكتور نبيل الشريف، وعقدت في مكتب ارتباط الجامعة بعمان. وعرف الأستاذ الدكتور فائق مصطفى (من جامعة السليمانية – العراق)، في الورقة التي جاءت بعنوان "خيال الظل ودوره المسرحي قديما وحديثا"، (خيال الظل) بأنه أحد الفنون التمثيلية الشعبية في الثقافة العربية القديمة، إلى جانب الحكواتي والقرقوز ومسرح التعزية. وهذا الفن التمثيلي يتكون من دمى مصنوعة من الجلد المضغوط أو الورق، تُحرك خلف ستار من القماش، خلفه مصباح يعكس ظلال الدمى على الستار، ويحرك هذه الدمى صاحب الخيال، ويلقي في الوقت نفسه حوار القصة واغانيها، ويشاركه في ذلك ممثلون آخرون.
واستشهد مصطفى بأشهر من كتب تمثيليات خيال الظل، وهو الشاعر ابن دانيال الموصلي (646-711هـ)، وقد وصلنا ثلاثة من نصوصه هي (طيف الخيال) و(عجيب وغريب) و(الضائع اليتيم). وهي نصوص يتوافر فيها اغلب مقوّمات المسرحية من قصة وشخصيات وحوار وأغان ووسائل اضحاك.
ورمى البحث الذي قدمته الدكتورة اماني العاقل (من جامعة حلب – سورية)، والذي جاء بعنوان "التحولات الإبستمولوجية لتجليات الثقافة الشعبية في الخطاب الأدبي"، إلى بيان التحوّلات الإبستمولوجية التي طرأت على تجليات الثقافة الشعبية في سورية بين مرحلتين مختلفتين، الأولى 1960م والثانية 2005م، وذلك من خلال نموذجين قصصيّين الأول مجموعة " حياة جديدة" لفاضل السباعي التي صدرت طبعتها الأولى عام 1956، ثمّ عُـدّلت في طبعتها الثانية سنة 1961، أما النموذج الثاني فهو مجموعة "المشربية" لشهلا العجيلي التي صدرت عام 2005م
وقد تعمدت العاقل اختيار كاتبين من حقبتين مختلفتين وجيلين متباعدين للوقوف على تحولات هذه الثقافة في ذهن المبدع عبر نصف قرن، إذ وقف البحث على الماهيات والأسباب التي صنعت الاختلاف بين النموذجين من خلال تفاصيل الحكاية الشعبية، واستحضار المكان الشعبي، إضافة إلى نموذج " المرأة الشعبية" ، وذلك من أجل الوقوف على اختلافات وتحولات الرؤية والتلقي للطاقة المعرفية والثقافية المُضَمّنة في الخطاب الأدبي بين هذه المرحلة والمرحلة السابقة.
وتناول الدكتور عماد الشمري (من جامعة الحسين بن طلال – الأردن) في بحثه "الأمثال والكنايات الأردنية دراسة صوتية صرفية" الجانبين الصوتي والصرفي في الأمثال والكنايات الشعبية الأردنية، تحدث فيه عن اللهجات الأردنية ودورها في تشكيل الثقافة الشعبية، وأشار إلى أوجه الاختلاف وأهميته من الناحية الاجتماعية والثقافية والحضارية من خلال الكلام المشافه في الاستعمال اليومي.
ولخص الدكتور نادر قاسم (من جامعة النجاح الوطنية – فلسطين) في بحثه "تجليات الأغنية الشعبية والحكاية الشعبية في أدب وليد سيف" مصادر التراث الشعبي المختلفة التي نهل منها وليد سيف، وهو من الشعراء الذين نظروا إلى هذا التراث نظرة احترام، وأفاد من مضامينه افادة واضحة، فوظف الأغنية الشعبية والحكاية الشعبية وبعث في أوصال النص التراثي فاعلية جديدة تتوازى وفاعلية النص الشعري الحاضر مما أكسبه أبعادا حداثية.
وسلطت الورقة التي قدمها الشاعر والباحث حكمت النوايسة من وزارة الثقافة الأردنية الضوء على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، من خلال إعطاء نبذة تاريخية عن هذا الدور، وإضاءة المشروعات الحالية للوزارة بعد تأسيس مديرية التراث فيها، واللجنة الوطنية العليا للتراث. فضلا عن الصعوبات التي تواجه القائمين على البحث في التراث، والأساليب المتبعة في عمليات التوثيق، والحفظ، والصون، كما استعرض نماذج من عمليات التوثيق الشفوي التي تمّت في الأردن.
وكشف النوايسة عن حرص الوزارة جمع التراث الشفوي الأردني الذي جرى تسجيله على أشرطة كاسيت، وقال إنه سيتم نقل هذه التسجيلات إلى أقراص مدمجة كي يتم حفظها من التلف والضياع. وقال إن هذه التسجيلات تحتفظ بسجل ثري عن تراث الأردن في حقبة نادرة مات غالبية شهودها.