لا حرب ولا تغيير في سورية

منذ فترة وطبول الحرب تقرع بقوة, تارة ضد سورية, وتارة ضد حزب الله وتارة ضد ايران, بل ووصلت هذه الطبول الى مسامع بلدان اخرى..
ومنذ فترة ايضا ثمة من يعتقد بان النظام السوري قاب قوسين او ادنى من السقوط, فهناك من توقع سقوطه في عيد الفطر وهناك من توقع سقوطه قبل عيد الاضحى, وهكذا.. ولا يبدو ان هناك حربا لا ضد سورية ولا ضد حزب الله ولا ضد ايران, ولا يبدو ان سقوط النظام السوري, سقوط وشيك فيما الوشيك الوحيد هو الانسحاب الامريكي من العراق وتداعياته واستحقاقاته التي كانت تمني النفس بتعويض ذلك بسقوط التفاحة السورية وفتح المنطقة على شرق اوسط امريكي - صهيوني, سقط مرتين من خلال المقاومة العراقية ثم بعد صمود حزب الله ودحره العدوان الصهيوني على لبنان 2006 بكل اهدافه الامريكية وغير الامريكية..
اما لماذا وما هي الاعتبارات التي تقف خلف هذه الاستنتاجات فهي التالية:
1-اذا كانت حافة الهاوية قاعدة ملائمة لادارة الصراع فلماذا الذهاب الى الحرب, خاصة اذا كانت تكاليف الحرب اكبر بكثير من تكاليف هذه الحافة ومفتوحة على احتمالات لا يمكن السيطرة عليها. فمن جهة لا تحتمل ازمة النظام الرأسمالي العالمي تداعيات ارتفاع اسعار النفط اذا نشبت الحرب, ومن جهة فانه, لا شكل الحرب العربية - الاسرائيلية القديمة بات ممكنا مع تطور القوة الصاروخية والتشكيلات العسكرية الجديدة التي تشبه حرب العصابات عند الجيوش نفسها.. ولا موازين القوى السابقة ظلت على ما هي عليه سنوات حصار العراق والعدوان الاطلسي.
واضافة لصحوة روسيا فان الصراع الروسي - التركي العريق منذ قرون يجعل من الصراع التركي - السوري - الايراني في قلب الامن الروسي نفسه على امتداد خطوط التصدع والنفط والغاز وهذا غير الاعتبارات الايرانية الاخرى وغير العجز التركي عن تدخل عسكري في غياب الغطاء الدولي من مجلس الامن ومع تصاعد خطر الجماعات الكردية العسكرية وربما الارمنية.. وليس مستبعدا ان تشهد تركيا ما شهدته في مرة سابقة رافقت التهديد التركي لسورية عام 1985 بضغط سعودي آنذاك في اطار الصراع القومي مع الرياض, ففي تلك الفترة نجح حزب عدنان مندريس المقرب من الاسلاميين بالانتخابات وشكل حكومة انقلب عليها العسكر بدعم حزب اتاتورك وقاموا باعدامه..
واضاف لكل ذلك ليس هناك ما تستطيعه الجامعة العربية المترهلة غير توفير الغطاء الخارجي لمغامرة اطلسية غير جاهزة في ظل تداعيات ارتفاع اسعار النفط, كما قلنا على نظام رأسمالي مأزوم.
2- على الصعيد السوري الداخلي, الشارع لم يحسم السلطة مرة واحدة بالنظر الى دور الجيش وسياسة (الحياد) التي تميز اكبر الكتل في سورية, وهما حلب ودمشق اللتان تنتظران نتائج الصراع وتتعاملان معها باعتبارها رابحة في الحالتين, فما من سلطة تستطيع تجاوزهما وهو ما ادركه حافظ الاسد وصاغ سياسته بناء على ذلك مؤسسا في الوقت نفسه لادارة ازمات طويلة النفس مع الاطراف ومستدرجا تلك الاطراف في كل مرة الى مواجهات عسكرية, تحت السيطرة.
واللافت للانتباه هنا ان الامريكان والفرنسيين وعربانهم يدركون ذلك وينطلقون منها من باب الاستخدام لاضعاف دمشق ثم التفاوض معها على اجندة محددة بينها هذه المرة, الموقف من حزب الله وايران ومستقبل الاستثمار في حقول الغاز.
(العرب اليوم)