حكوماتنا الحنونة على تجار الحشيش

اصدرت حكوماتنا المتتالية، اكثر من عفو خاص، عن تجار المخدرات والحشيش، ولم ُيعلن الامر بشكل واضح، وبقي سراً، لان حكوماتنا خجولة وحنونة وحساسة وشفافة على اساس القاعدة التي تقول «يتمنعن وهن الراغبات» والعياذ بالله!.
احدى الحكومات قبل سنوات افرجت عن اثنين وخمسين محكوماً في قضايا مخدرات وحشيش، وجاءت حكومة اخرى بعد تلك الحكومة، وافرجت ايضاً عن تجار مخدرات وحشيش، ولم يسمع الناس الا عن عفو خاص عن محكومين دون تبيان التهمة الاساس!.
كان الاصل اساساً، ان يتم الافراج عن الاف المحكومين على قضايا اخرى، خصوصاً، ان اغلب القضايا الاخرى ابسط، واقل كلفة على البلد والناس، من هكذا قضايا تعد خطيرة بكل المقاييس.
نتأمل فنكتشف ان حكوماتنا تترك مرضى القلب والسكري ووحيد والديه او معيل العائلة، ومن هو مسجون على قضية شيك او مشاجرة او حادث سير او نفقة طلاق، وتفرج بالمقابل عن المتورطين في قضايا المخدرات، وهو امر لافت للانتباه!.
الذي يهرب من شرطي يريد مخالفته يتم سجنه، والذي لا يدفع الضريبة يتم سجنه، والذي يتسبب بحادث غير مقصود يتم سجنه، فيما تجار المخدرات والحشيش، يجدون من الدائخين من ينتخي لهم!.
المفارقة ان اهالي المتورطين في قضايا مخدرات، باتوا ايضاً يشعرون بالتمييز، لان الحكومات افرجت عن اسماء متورطة في قضايا مخدرات، وتركت اسماء اخرى متورطة في قضايا شبيهة، دون ان يعرف احد المعيار الذي تم اللجوء اليه لتحديد من سينال العفو الخاص.
هكذا امتدت الواسطات والطبقية والتمييز الى تجار المخدرات والحشيش، واحد مدعوم وآخر غير مدعوم، وغير المدعوم سيلعن اليوم الذي امتهن فيه هذه المهنة المتعبة.
يسأل هؤلاء لماذا يتم العفو عن اسماء محددة، وترك اسماء، وهل هناك تمييز ايضاً في العفو عن تجار المخدرات؟!وهل هناك نفوذ لاسماء محددة يجعل الافراج عنها ممكنا وسهلا، مقابل ترك الاخرين، ومن توسط لهؤلاء؟!.
لاجل ذلك اعتصم مواطنون قبل فترة مطالبين بالعفو الخاص عن قضايا مختلفة منها المخدرات والقتل وتهريب السلاح، لان المجال بات مفتوحاً لطلب العفو الخاص، ولان هؤلاء يشعرون بأن العفو الخاص تم تكييفه لصالح اسماء محددة.
هكذا اذاً تتوالى المشاكل، لان حكوماتنا الرشيدة فتحت المجال لكل هذا، وبدلا من جعل العفو الخاص، نافذة لرحمة الناس المستحقين اصلا، تم ترك هؤلاء من اجل العفو عن بعض تجار المخدرات والحشيش، وهي مفارقة عجيبة، تثير الريبة والتساؤلات.
الاصل ان يأتي العفو الخاص لمنح الناس فرصة جديدة للتوبة، والاصل تكييفه لحالات اخرى غير المخدرات، لكننا في زمن الغرائب والعجائب، نرى العكس، فيتم الافراج عن تاجر المخدرات، ويتم ابقاء المتأخر في دفع النفقة او ايجار المنزل!.
لعلنا نسمع من الجهات الرسمية ارقام محددة حول كل الذين تم الافراج عنهم على خلفية قضايا مخدرات خلال السنوات الماضية، وعلى اي اساس تم الافراج عن هذه الاسماء، وعلى اي اساس تم ترك اخرين على خلفية قضايا شبيهة!!.
نريد ان نعرف، ايضاً، لماذا تم منح تجار المخدرات هذه الميزة، اي العفو الخاص، وترك مواطنين اخرين، يستحقون العفو والفرصة الجديدة من اجل التوبة، وبدء حياة جديدة؟!.
ليت الحكومة تسمح لنا بتأسيس نقابة للحشاشين شعارها زهرة الخشخاش اليانعة، من اجل تنظيم المطالب في هذا الصدد ايضاً، لان قطاع المهربين والمتعاطين بات كبيراً وبحاجة الى من يدافع عن حقوقه!!.
غطيني يا صفية!.
(الدستور)