أطيح به بناء على طلبه!
تم نشره الجمعة 25 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 12:41 صباحاً

د. فهد الفانك
عبارة (بنـاءً على طلبه) أصبحت جزءاً من الثقافـة الإدارية في بلـدنا، فكل من تقيله الحكومة، لسبب مفهـوم أو غير مفهـوم، توصف إقالته بأنها استقالة أو إحالة على التقاعـد بناءً على طلبـه.
رئيس مجلس القضـاء مثلاً كان في مهمة رسـمية في الخارج، عنـدما سـمع أنه أعفـي من مركزه بناءً على طلبه. وفي حالات أخرى يعلـن عن استقالة المسؤول بناءً على طلبه كما حـدث لمحافظ البنك المركزي بالرغم من عدم إكماله المدة المقـررة وهي خمس سنوات.
يعرف الجميع وأعرف أكثر من غيري أن عبارة (بناءً على طلبه) ليست صحيحة لأني شـخصياً أخرجت من كل مركز أشـغلته في عـدة مواقع (بناءً على طلبي!).
استعمال هذه العبارة البروتوكوليـة يحقق مزايا عديـدة فهو أولاً يعفي الحكومة من ذكر أسباب الإقالـة، طالما أن المسؤول أعفي من منصبـه بناءً على طلبـه. ويدل ثانياً على حسن أخلاق الحكومة التي تحافظ شـكلياً على كرامة العاملين معها الذين تقـرر الاستغناء عنهـم، وثالثاً لأنها تربط لسـان المسؤول المقال فلا يحتج، ولا يكشف عن الأسباب الحقيقيـة للإقالة، لأنه يصدق ويريد للناس أن يصدقوا حكاية بناءً على طلبـه.
من ناحية أخـرى ربما أنه ليس من حق الموظف أو المسؤول المقال أو الذي يستبدل بغيره أن يعترض على إقالته لإحلال آخر محلـه، فقد تم تعيينـه هو بنفس الطريقة، وحـل محل شـخص آخر، ومن حق من اختاره من دون الناس لمركز معين أن يختار غيره في وقت آخر، وكما يقولون : لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.
الحكومات لا تحب أن تقيل أحـداً. وحتى عندما يتم إلغاء مؤسسة أو دائرة معينة أو إعادة هيكلتهـا فإن الحكومة تسارع للإعلان عن عدم الاستغناء عن أي موظف، والمقصود أن موظفي الدائرة أو المؤسسـة الملغاة يجب أن يتم توزيعهم كأعباء على الدوائر الأخـرى بصرف النظر عن حاجتها إليهـم وقدرتها على استيعابهم، فالقاعدة أن قطع الأعناق ولا قطـع الأرزاق.
الأمن الوظيفي شعار جميل ولكنـه في التطبيق يعني اسـتمرار مدير أو رئيس غير مرغوب فيه بصرف النظر عن النتائج، ومن الناحية المنطقية لا يجوز محاسـبة الوزير أو المسؤول عن حسـن أداء وزارته أو دائرتـه إذا كان عليه أن يقبـل التعايش مع مرؤوس لا يثـق به ولكنه مفروض عليه.
(الرأي)
رئيس مجلس القضـاء مثلاً كان في مهمة رسـمية في الخارج، عنـدما سـمع أنه أعفـي من مركزه بناءً على طلبه. وفي حالات أخرى يعلـن عن استقالة المسؤول بناءً على طلبه كما حـدث لمحافظ البنك المركزي بالرغم من عدم إكماله المدة المقـررة وهي خمس سنوات.
يعرف الجميع وأعرف أكثر من غيري أن عبارة (بناءً على طلبه) ليست صحيحة لأني شـخصياً أخرجت من كل مركز أشـغلته في عـدة مواقع (بناءً على طلبي!).
استعمال هذه العبارة البروتوكوليـة يحقق مزايا عديـدة فهو أولاً يعفي الحكومة من ذكر أسباب الإقالـة، طالما أن المسؤول أعفي من منصبـه بناءً على طلبـه. ويدل ثانياً على حسن أخلاق الحكومة التي تحافظ شـكلياً على كرامة العاملين معها الذين تقـرر الاستغناء عنهـم، وثالثاً لأنها تربط لسـان المسؤول المقال فلا يحتج، ولا يكشف عن الأسباب الحقيقيـة للإقالة، لأنه يصدق ويريد للناس أن يصدقوا حكاية بناءً على طلبـه.
من ناحية أخـرى ربما أنه ليس من حق الموظف أو المسؤول المقال أو الذي يستبدل بغيره أن يعترض على إقالته لإحلال آخر محلـه، فقد تم تعيينـه هو بنفس الطريقة، وحـل محل شـخص آخر، ومن حق من اختاره من دون الناس لمركز معين أن يختار غيره في وقت آخر، وكما يقولون : لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.
الحكومات لا تحب أن تقيل أحـداً. وحتى عندما يتم إلغاء مؤسسة أو دائرة معينة أو إعادة هيكلتهـا فإن الحكومة تسارع للإعلان عن عدم الاستغناء عن أي موظف، والمقصود أن موظفي الدائرة أو المؤسسـة الملغاة يجب أن يتم توزيعهم كأعباء على الدوائر الأخـرى بصرف النظر عن حاجتها إليهـم وقدرتها على استيعابهم، فالقاعدة أن قطع الأعناق ولا قطـع الأرزاق.
الأمن الوظيفي شعار جميل ولكنـه في التطبيق يعني اسـتمرار مدير أو رئيس غير مرغوب فيه بصرف النظر عن النتائج، ومن الناحية المنطقية لا يجوز محاسـبة الوزير أو المسؤول عن حسـن أداء وزارته أو دائرتـه إذا كان عليه أن يقبـل التعايش مع مرؤوس لا يثـق به ولكنه مفروض عليه.
(الرأي)