مصر على خطى تونس
تم نشره السبت 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 12:42 صباحاً

وكأن مصر تقلد تونس حتى في تصحيح مسار الثورة. عندما نشاهد اعتصامات التحرير، نتذكر اعتصام القصبة واحد والقصبة اثنين وصولا لثلاثة. ولأن بوصلة الشعب تؤشر في الاتجاه الصحيح، فلا خوف من التعدد والتنوع في القوى السياسية واختلافها. الخطر هو وجود قوة سياسية واحدة مهيمنة.
في تونس، ذهل العالم من المسؤولية التي تحلت بها حركة النهضة، فقد تصرفت منذ اليوم الأول لسقوط بن علي بتواضع على ما تملكه من إرث نضالي قل نظيره على مستوى العالم، وحضور جماهيري يؤهلها لاكتساح أي انتخابات. في تشكيلة الهيئات التحضيرية عاب عليها المناصرون كيف ترضى بتمثيل يقل عن تمثيل خصومها الهامشيين، مثل النساء الديمقراطيات وغيرها. وفي القانون الانتخابي رضيت، بل اشتغلت على قانون يحجم القوة الكبرى ويحابي القوى الصغيرة. ولتفسير هذا القانون المعقد، فإن مقعد النهضة وقف عليها بثلاثين ألف صوت، ومقعد الحزب التقدمي الذي اعتمد على ما يعرف بالفضلات وقف عليه بثلاثة آلاف صوت.
في الانتخابات المصرية، على اختلاف القانون، يتوقع أن يتكرر المشهد التونسي. فالإخوان هم القوة الأولى لكن غير المهيمنة. وستتسع الساحة لقوى أخرى لها حضور جماهيري واعد. ومن المفارقة أن حزب التيار المصري الذي شكله شباب الإخوان الذين فصلوا من التنظيم سيكون منافسا للإخوان. ومن مصلحة الإخوان وجود قوى حقيقية منافسة لهم، وإلا فإن منافسيهم سيكونون بقايا الحزب الوطني وأزلام العسكر.
تقديم كمال الجنزوري يذكر بتقديم الباجي قائد السبسي؛ عجوز في مواجهة ثورة شبابية. ولا يبدو أن المجلس العسكري يريد تحدي شباب الميدان أو المعارضة عموما، بقدر ما يريد أن يعطي طمأنة للمواطن المصري باستمرارية الدولة بعد سقوط النظام. وبالنهاية، فإن حكومة الجنزوري وحكومة شرف من قبله هي حكومات انتقالية تجسر بين نظام آفل ونظام قادم.
من السهل الدخول في لغة التخوين وعقد الصفقات بين الإخوان والقوى السياسية من جهة والعسكر. خصوصا أن نظرية المؤامرة تستهوي كثيرا من المشتغلين في السياسة والصحافة. الصعب فعلا هو الوصول إلى الصفقة بالمعنى التاريخي العام وليس بالمعنى الانتهازي الخاص؛ صفقة يعود فيها الجيش بشكل كريم إلى الثكنات، ويسلم الحكم للشعب من خلال صناديق الاقتراع. تلك الصفقة، كأي صفقة، تحتاج سعة عقل ومرونة وتنازلات مؤلمة متبادلة.
لن يتنازل العسكر بسهولة، وهم بحاجة لعصا وجزرة. هم تركة مبارك السيئة. صحيح أن الجيش يمثل الأمة المصرية، بكل همومها وآمالها، إلا أن كبار الضباط والمجلس العسكري بخاصة هم جزء لا يتجزأ من نظام مبارك بالمعنى السيئ، وكانوا شركاء في الفساد والإفساد. ولولا ضغط الشارع لرتعوا في السلطة إلى الأبد.
يؤمل أن تتحول الخريطة السياسية في مصر مستقبلا إلى قوى يمين يمثلها الإخوان وقوى يسار تمثلها الأحزاب التي تشكلت في الميدان، وما بينهما. وبذلك تتحول مصر إلى بلد طبيعي مثل تونس، تتداول السلطة فيه قوى حقيقية تعبر عن مصالح أكثرية الناس، لا عن أقلية مستبدة تحتكر السلطة والثورة.(الغد)
في تونس، ذهل العالم من المسؤولية التي تحلت بها حركة النهضة، فقد تصرفت منذ اليوم الأول لسقوط بن علي بتواضع على ما تملكه من إرث نضالي قل نظيره على مستوى العالم، وحضور جماهيري يؤهلها لاكتساح أي انتخابات. في تشكيلة الهيئات التحضيرية عاب عليها المناصرون كيف ترضى بتمثيل يقل عن تمثيل خصومها الهامشيين، مثل النساء الديمقراطيات وغيرها. وفي القانون الانتخابي رضيت، بل اشتغلت على قانون يحجم القوة الكبرى ويحابي القوى الصغيرة. ولتفسير هذا القانون المعقد، فإن مقعد النهضة وقف عليها بثلاثين ألف صوت، ومقعد الحزب التقدمي الذي اعتمد على ما يعرف بالفضلات وقف عليه بثلاثة آلاف صوت.
في الانتخابات المصرية، على اختلاف القانون، يتوقع أن يتكرر المشهد التونسي. فالإخوان هم القوة الأولى لكن غير المهيمنة. وستتسع الساحة لقوى أخرى لها حضور جماهيري واعد. ومن المفارقة أن حزب التيار المصري الذي شكله شباب الإخوان الذين فصلوا من التنظيم سيكون منافسا للإخوان. ومن مصلحة الإخوان وجود قوى حقيقية منافسة لهم، وإلا فإن منافسيهم سيكونون بقايا الحزب الوطني وأزلام العسكر.
تقديم كمال الجنزوري يذكر بتقديم الباجي قائد السبسي؛ عجوز في مواجهة ثورة شبابية. ولا يبدو أن المجلس العسكري يريد تحدي شباب الميدان أو المعارضة عموما، بقدر ما يريد أن يعطي طمأنة للمواطن المصري باستمرارية الدولة بعد سقوط النظام. وبالنهاية، فإن حكومة الجنزوري وحكومة شرف من قبله هي حكومات انتقالية تجسر بين نظام آفل ونظام قادم.
من السهل الدخول في لغة التخوين وعقد الصفقات بين الإخوان والقوى السياسية من جهة والعسكر. خصوصا أن نظرية المؤامرة تستهوي كثيرا من المشتغلين في السياسة والصحافة. الصعب فعلا هو الوصول إلى الصفقة بالمعنى التاريخي العام وليس بالمعنى الانتهازي الخاص؛ صفقة يعود فيها الجيش بشكل كريم إلى الثكنات، ويسلم الحكم للشعب من خلال صناديق الاقتراع. تلك الصفقة، كأي صفقة، تحتاج سعة عقل ومرونة وتنازلات مؤلمة متبادلة.
لن يتنازل العسكر بسهولة، وهم بحاجة لعصا وجزرة. هم تركة مبارك السيئة. صحيح أن الجيش يمثل الأمة المصرية، بكل همومها وآمالها، إلا أن كبار الضباط والمجلس العسكري بخاصة هم جزء لا يتجزأ من نظام مبارك بالمعنى السيئ، وكانوا شركاء في الفساد والإفساد. ولولا ضغط الشارع لرتعوا في السلطة إلى الأبد.
يؤمل أن تتحول الخريطة السياسية في مصر مستقبلا إلى قوى يمين يمثلها الإخوان وقوى يسار تمثلها الأحزاب التي تشكلت في الميدان، وما بينهما. وبذلك تتحول مصر إلى بلد طبيعي مثل تونس، تتداول السلطة فيه قوى حقيقية تعبر عن مصالح أكثرية الناس، لا عن أقلية مستبدة تحتكر السلطة والثورة.(الغد)