باراك: أنا الأمن

تم نشره السبت 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 04:18 مساءً
باراك: أنا الأمن
يوئيل ماركوس

 بعد سنين كثيرة كان ممنوعا فيها أشد المنع ذكر كلمة الذرة، فُتحت خزائن السماء وصارت ثرثرتنا تغرق العالم. والذي يقود هذا الطوفان في الأساس هو وزير الدفاع اهود باراك، آخر رجل كان يجب ان يثير هذا الموضوع في كل خطبة وكل مقابلة صحفية وكل مكان يرى فيه سماعة.
 قال في مقابلة صحفية مع شبكة الـ "سي.ان.ان" انه بقي لايران أقل من تسعة اشهر لانتاج سلاح ذري. "سنبلغ قريبا وضعا لا يستطيع فيه أحد أن يفعل شيئا ما عمليا في هذا الشأن". وفي جواب عن سؤال مجري المقابلة هل يمكن ان تهاجم اسرائيل ايران، أجاب باراك انه يعتقد ان هذا ليس شأنا يُتباحث فيه علنا. وكأن سماعة الـ "سي.ان.ان" هي أداة سرية.
 وفي مقابلة صحفية مع شبكة "بي.بي.اس" في نيويورك قال باراك انه "لو كان مكان قادة ايران لطور كما يبدو سلاحا ذريا". وهذا قول غريب يصدر عن وزير دفاع في اسرائيل لكنه ليس جديدا. فقد قال في مقابلة للتلفاز حينما كان رئيس حزب العمل في آذار 1998: "لو كنت شابا فلسطينيا، لانضممت الى احدى منظمات الارهاب".
 ان ما أراد ان يقوله هو انه يتفهم الفلسطينيين الذين يطمحون الى دولة خاصة بهم. في حين ليس واضحا ما الذي يتم فهمه هنا في شأن ايران؟ فبرغم التهديدات فان السلاح الذري لا يرمي بالتحديد الى القضاء على اسرائيل، بل الى ان يعزز في الأكثر قوة ايران في المنطقة الاسلامية وفي دول الخليج – وهي حي تقع على حدوده دول ذرية. اسرائيل لا تهدد ايران. فمن الحقائق انه برغم انها تملك قدرة ذرية بحسب مصادر اجنبية – لم تمتنع الدول العربية والحركات الارهابية عن مهاجمتها.
 قال مئير دغان انه يجب على اسرائيل ان تخرج للحرب حينما يوضع السكين فقط على عنقها ويقطع في اللحم الحي، لكننا لسنا هناك حتى الآن. وكان يمكن ان نفهم من كلامه ان الاخطار التي تهدد اسرائيل هي الصواريخ وقذائف الرجم وصواريخ غراد التي أخذ مداها يطول، ومسألة وصولها حتى تل ابيب مسألة وقت فقط. وليس لسكان الجنوب هدوء، وهجومنا على ايران قبل ان يُتموا القنبلة سيجعل الدولة كلها هدفا لصواريخ شهاب الايرانية. ان التهديد الذري الايراني عالمي وعلينا ان نترك علاجه للقوى العظمى.
 تنبع مكانة اسرائيل المضعضعة في العالم في هذا الوقت من الاخفاق السياسي في شأن التسوية السلمية، بيد أنه لا يوجد الآن بديل في الحكم. وهذا أمر يعلمه بيبي وباراك لكن باراك هو القلق بينهما. وقد عقد الاثنان بينهما صلة وثيقة. فهناك من يقولون انهما يتحادثان اربع مرات أو خمسا كل يوم بالهاتف. ورحلات باراك الكثيرة ولقاءاته ومقابلاته الصحفية منسقة مع بيبي في حين أن هدفها تقوية موافقة البيت الابيض على عملية منا على ايران.
 ليس لباراك أية جبهة خلفية برلمانية وحزبية. ومن الواضح أنه ليس له أي قاعدة سياسية بغير بيبي. وحزبه الذي نضعه بين هلالين، سيختفي. وبهذا فان دعامته الوحيدة هي نتنياهو – فبغيره لن توجد عملية في ايران ولن يوجد مستقبل سياسي لباراك.
 إننا نمنح طهران بثرثرتنا التسويغ والحافز الى ان تصبح دولة ذرية. وايران تتذكر جيدا قصف المفاعل الذري "أوزيريك". وقد انتقم العراق من اسرائيل في حرب الخليج بـ 39 صاروخ سكود غير دقيقة سببت ذعرا في الأساس لكنها لم تسبب ضررا. وتعلمت ايران الدرس ووزعت مفاعلاتها الذرية لكن الأخطر أنها أعدت سلفا ردا فتاكا – على لب لباب اسرائيل. والرئيس اوباما يُحذر بيبي وباراك وبحق ألا يحلما حتى بهجوم على ايران وأن يدعا ذلك للقوى العظمى.
 ان باراك المعلق بنتنياهو هو الذي يجره الى عملية وأخطار لم نعرف لها مثيلا. هل يمكن ان يكون العقل التحليلي الذي لا شبيه له قد أخذ يتلاشى؟ أم أن السبب هو خوف باراك من أن يبقى خارج الحكومة مع حزبه الضئيل الشأن في حال تقديم موعد الانتخابات، وأخطر الاشياء بالنسبة اليه ان يفقد حقيبة الأمن.
 يحارب باراك عن حياته السياسية بخلق شعور "أنا الأمن". أو "أنا والطوفان بعدي". لكننا حينما نرى ما يحدث حولنا والى أين يمكن ان تفضي الاضطرابات في مصر وسوريا واتحاد حماس والسلطة – يوجب هذا علينا ان نتخذ بلا تأخير مبادرة للتسوية مع الفلسطينيين بدل ان نهاجم ايران.

هآرتس 25/11/2011



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات