أقطع ذراعي

المدينة نيوز - طلب مني مدير عُين حديثاً في احدى الدوائر أن أحضر له بعض الأوراق والوثائق, ولما قلت له أنني سبق ان قدمتها للمدير السابق, أجابني أنه لا علاقة له بذاك المدير ولا أي مدير غيره, وأضاف أن \"كل واحد يعتمد على ذراعه\", فقلت له على الفور: \"لو كنا في عراك أو مشاجرة, فلك أن تعتمد على ذراعك, أما في حالتنا فأظن أن عليك ان تعتمد على عقلك\". ثم خرجت بعد أن اكملت كلامي.
شعرت بعد ذلك بتأنيب ضمير شديد, اذ ما كان علي ان ألومه, فالذراع عند الرجل \"الحقيقي\" مقدم فعلاً على العقل, وهذا الأخير, أي العقل, يصلح في أحسن الأحوال كعنصر مساند للذراع.
إننا نرفع أذرعتنا في وجه خصومنا تهديداً, ونمدها الى أصدقائنا ترحيباً, ونتغنى بالسواعد السمر المفتولة, ونمتدح نتائج جهد أحدنا فنقول: \"من كد ذراعه \", وقد لاحظ عالم الاجتماع العراقي علي الوردي, أن الرجل عندنا اذا أراد الاستفسار عن احوال زميله يقول له : \"كيف انت بذراعك\", ولا يقول \"كيف انت بشغلك\".
\"أقطع ذراعي اذا لم أقم بكذا وكذا\", عبارة نستخدمها على سبيل تأكيد المصداقية, ونطلب ممن يشتكي القلة والفقر ان \"يشمر عن ذراعه\", ويمتدح أحدنا أخلاق احدى السيدات وسلوكها بقوله, ان زوجها رباها \"على ذراعه\".
بعد هذه المراجعة الذاتية لموقفي مع المدير المذكور, حملت الأوراق التي طلبها وأسرعت اليه, فتناولها مني فقلت له: \"يسلم ذراعك\", فرد علي: \"وعقلك\".( العرب اليوم )