خيارات السودان عند صدور مذكرة توقيف الرئيس عمر البشير
بعد أن قام مجلس الأمن بإحالة قضية احداث دار فور الى المحكمة الجنائية الدولية استنادا لنص المادة 13من النظام الاساسي للمحكم , وبدأ المدعي العام باجراءات التحقيق بالرغم من حملات التعاطف الرسمي مع الرئيس السوداني, والذي عبر عنه وفد جامعة الدول العربية، وبالرغم من محاولات رأب الصدع بين الاطراف السودانية وكان آخرها مؤتمر المصالحة الذي تبنى مذكرة تفاهم بين الحكومة السودانية وحزب العدالة والمساواة برعاية قطرية , الا ان المدعي العام اوكامبو يؤكد من حين لاخر عن احتمالية قيام المحكمة باصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير , هذا يعني ان السودان سيكون على اعتاب خيارات عدة وهي :
1- قيام مجلس الامن بوقف النظر في قضية دار فور لمدة عام :
هذا الخيار يتطلب حشد دبلوماسي عربي مشترك تتراسه الجامعة العربية , لاجل اقناع مجلس الامن باصدار قرار بوقف متابعة اجراءات المحاكمة بحق البشير وفقا للمادة 16 من نظام المحكمة الجنائية الدولية , وسيكون هذا الاجراء فرصة للضغط على السودان لاجل تقليل فرص التمدد الاقتصادي لدولة الصين في افريقيا , اضافة الى مطالبة الرئيس بالتنحي عن الحكم كثمن مقابل صدور قرار بوقف مؤقت للنظر بقضية دار فور .
2- رفض تنفيذ مذكرة التوقيف من قبل الرئيس السوداني وحكومته :
قد يعمد الرئيس السوداني والحكومة على رفض تنفيذ المذكرة لاسباب عديدة منها ان المحكمة غير مختصة في النظر بقضية دار فور كون السودان ليس دولة عضو في المحكمة ، (علما ان التدقيق في نص المادة المادة 19 يلاحظ المرء ان تحديد الاختصاص يعود بالمطلق للمحكمة) او لسبب ان القضاء السوداني قد سبق وان نظر بالجرائم التي ارتكبت في دارفور وبالتالي لايحق للمحكمة الجنائية الدولية النظر بالقضية استنادا الى المادة 17من نظام المحكمة الجنائية الدولية ، ولكن المحكمة اذا كانت مسيسة فانها ستدعي ان القضاء السوداني لم يكون نزيها عند مقاضاة المتهمين بجرائم دار فور وفقا لنص المادة 19 ، ولكن المبدا القانوني هو ان المحكمة لاتاخذ بالدفوع المثارة خارج المحكمة ، لهذا فان هذه الحجج لن تؤثر على سير المحكمة خاصة وان القضية احيلت بقرار من مجلس الامن تحت البند السابع الذي يجيز لمجلس الامن استخدام القوة المشار اليها في المادة 41 و42 من ميثاق الامم المتحدة ، وهنا يصبح السودان في وضع مواجهة مع المجتمع الدولي من حصار بري وبحري وجوي وسيكون عرضة للتقسيم الى دويلات.
3- تسليم الرئيس عمر البشير نفسه الى المحكمة :
ان هذه الخطوة لن يقدوم عليها الرئيس البشير الا بعد ان تقدم له ضمانات بمحاكمة عادلة غير مسيسه وضمان حقوق الدفاع له امام المحكمة وان تحققت تلك الضمانات فلن يكون هذا الخيار الا بعد ان يدرك الرئيس السوداني ان جميع ابواب الحلول المرضية اصبحت مغلقة ، وان هذه التسليم سيجنب السودان ويلات الحصار والدمار الذي يمكن ان يلحق بالسودان كما لحق العراق سابقا فيما لو تعنت برفض تنفيذ مذكرة التوقيف.
4 - اشارة دول للرئيس السوداني بتسليم نفسه مقابل تخفيض العقوبة :
ان القوانين ليست جامدة بل يبقى في طياتها روح الانسانية التي تحاول ان تخفف من جمود القوانين ولهذا اوجدت المحكمة نظام تخفيف العقوبة وفقا للمادة 110من نظام المحكمة الجنائية وعليه يمكن لعدة دول ان تشير للرئيس السوداني بتسليم نفسه للمحكمة مقابل ان تعمل هذه الدول بتسوية مع المحكمة كي ينال قسطا من تخفيف العقوبة خاصة اذا جرى وفاق وطني حقيقي بين جميع القوى السودانية وفتحت صفحة طيبة كعنوان لمرحلة جديدة تحت شعار السودان سلطة وثروة لكل السودانيين .
\"العربية.نت\"