الاسلام السياسي بين فرنسا وقطر

المدينة نيوز - ليس دقيقا ولا صحيحا ان اهتمام قطر وفرنسا بالاسلام السياسي اهتمام حديث, فلم يبدأ في فرنسا مع شيراك واهل السنة والجماعة والحريري الاب, ولم يبدأ في قطر مع انشاء قاعدة العيديد وفضائية الجزيرة والسلطة الجديدة آنذاك على ايقاع التنافس اوالخصومة مع السعودية (اخوان مقابل سلفية).. وليس دقيقا بالمحصلة ان احتضان قطر وفرنسا للاسلام السياسي وقواه الدينية (الجماعات الاسلامية) وقواه الطائفية (علمانيون يوظفون الدين مثل غليون وجماعة المستقبل في لبنان) احتضان حديث..
فمقابل امريكا وبريطانيا البراغماتية كرست فرنسا لنفسها تقاليد واهتمامات معروفة بالاسلام السياسي عبرت عنه دوائر الاستشراق الفرنسية خاصة في السوربون والاوساط الاكاديمية التابعة للخارجية والمخابرات الفرنسية.. وتؤشر حادثة الاطاحة بالمفكر الجزائري (محمد اركون) من رئاسة قسم الشرق في السوربون واستبداله بالسوري برهان غليون على ذلك ومما يذكره هيكل ايضا قبل ثلاثين عاما تقريبا انه تلقى دعوة من مدير المخابرات الفرنسية الذي قدم له مشروعا لشراكة متوسطية جديدة بين الفرنكفونية والاسلام السياسي.. وقد اعتبر هيكل المشروع مؤامرة اخرى على فكرة العروبة..
كما سبق للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ان كتب شيئا من هذ القبيل تحدث فيه عن ترتيب ثلاثي بين مسؤول كبير في المخابرات الفرنسية وعباس مدني مسؤول جبهة الانقاذ الاسلامي في الجزائر وبرهان غليون... وقد علق الشاعر العراقي مظفر النواب على هذه الحادثة مؤخرا بقوله (يبدو ان غليون صار مستشارا لعباس مدني سوري هذه المرة).. هذا عن فرنسا اما قطر فقد كانت منذ الستينيات في القرن العشرين مركزا لجماعات اسلامية معروفة ولاستثمارات مالية لهذه الجماعات متعددة المصادر بعضها عربي وبعضها ايراني (ايام الشاه)..
وما هو جدير بالملاحظة هنا ان عددا من (الاخوانيين) المسلمين الفلسطينيين بينهم السيد محمود عباس عاشوا تلك الايام في قطر وحملوا هذا الميراث الى تجربتهم الجديدة في حركة فتح, وبنوا لاحقا علاقات وثيقة مالية وسياسية مع اوساط لبنانية وسورية ظلت جزءا من ماكينة ابو عمار وقيادة فتح حتى بعد خروجها الى تونس, ومن هذه الاوساط غالبية كوادر (المستقبل) والحريري, واوساط سورية مثل غليون الذي كان يكتب في مجلة (البلاد) التي كان يديرها العراقي محمد رشيد (خالد سلام) الذي يتهمه الفلسطينيون هذه الايام بانه استثمر اموالهم بالتعاون مع بنوك اسرائيلية اضافة لكازينو اريحا.. والعبرة من هذا الاستطراد هذه المحصلة والعلاقة بين فرنسا وقطر والاسلام السياسي وتيار المستقبل وما يعرف بالمجلس الوطني السوري ورئيسه.. وللحديث بقية, ليس غدا لكن قريبا..(العرب اليوم )